وبالجملة فالحكم في مثل هذه الحالة العرف والعادة، ويعضهم يقول: إن القول قول الزوجة في المأكول المستهلك عادة، كالفاكهة واللحم والسمك. أما في غير ذلك مما ذكر فالقول للزوج بيمينه عند عدم الإثبات، فإن حلف الزوج وكانت الهدية باقية، فللزوجة أن ترجعها وتأخذ مهرها، وإن كانت قد استهلكت حسبت قيمتها وطرحت من المهر، وإن كانت تساوي المهر كله، فلا يرجع واحد منها بشيء، والذي ينبغي أن يعمل به في زماننا هو الرأي الأول، وهو النظر إلى العرف، فإن كان جارياً على أن الهدايا غير المهر عمل به، وكان فيه القول للزوجة عند عدم الإثبات. أما مسألة الجهاز فإن الصحيح الذي لا ريب فيه أن كل شيء يذكر مهراً ويقع التعاقد عليه بصفته مهراً فإنه لا مقابل له إلا نفس الزوجة دون شيء آخر مهما كان كثيراً فإذا تزوجها على ألف جنيه مهراً وكانت العادة أن مثل هذا المهر يقابل بجهاز كبير يليق بحالهما، ولكنها لم تفعل فإنه لا حق للزوج في مطالبتها بالجهاز، وإذا جاءت بجهاز كان ملكاً لها لا حق للزوج فيه، أما إذا تعاقد على مهر، ثم أعطى لها مبلغاً آخر تجهز به نفسها فأخذته ودخلت له بدون جهاز. فإن سكت زمناً يدل على رضاه فقد سقط حقه في المطالبة، وإلا كان له الحق في المطالبة، لأنه لم يتبرع لها، وإنما أعطاها لعمل ما هو واجب عليه، فإنه يجب على الرجل أن يعد للمرأة محلاً يشتمل على حاجيات المعيشة. وإذا جهز الأب ابنته من ماله واستلمته، فلا حق له ولا لورثته في الرجوع عليها ما دام العرف يقتضي أن الأب يجهز بنته، وكذا لو اشتراه لها في صغرها، فإنه يصير ملكاً لها فإذا تنازعا، ولا بينة لأحدهما، وقال الأب: إنما دفعته لها عارية، وقالت: هو تمليك، أو قال الزوج بعد موتها، إنه ملكها ليرث منه، فإن المعتمد الذي عليه الفتوى أن القول للزوجة، ولزوجها بعد موتها لا للأب ما دام العرف جارياً على أن الأب يدفع لابنته مثل هذا الذي تنازعا فيه جهازاً لا عارية، ولا يقال: إن في هذا اعترافاً بملكية الأب، وانتقال الملكية إليها يحتاج إلى دليل، لأنا نقول: إن الجهاز ومتاع البيت يكتفي فيه بالظاهر.