الوجه الأول: أن لا تكون العين المستأجرة مشغولة بملك المستأجر كالدار والدكان والأرض التي لا زرع بها فإن هذه الأشياء يمكن إخلاؤها من المنقولات التي بها. وحكم هذا أن الزيادة التي عرضت للعين تعرض على المستأجر بعد ثبوتها فإن قبل فذاك وإن لم يقبل فالناظر يفسخ العقد ويحكم به القاضي ثم يؤجر بالزيادة وليس للمستأجر أن يتمسك بأنه أجرها بأجر المثل وليس للناظر أن يزيده في أثناء المدة على الأصح المفتى به. وبعضهم يقول إن المعتبر في ذلك هو وقت العقد فمتى كانت أجرة المثل وقت العقد فلا ينظر للزيادة التي عرضت بكثرة الرغبات وهذا القول وجيه في ذاته لمل يترتب عليه من احترام العقود وعدم نفرة الناس من تأجير الوقف فإنهم إذا عملوا بأنهم مهدون بفسخ العقد لعارض تقل رغبتهم في التأجير فليس من المصلحة نقضه ما دام مؤجراً بأجر المثل وقت العقد على أن بعضهم قال: إنه لا يفسخ في هذه الحالة إلا إذا بلغت الزيادة نصف الذي أجر به أولاً فإذا كان مؤجراُ بخمسة لا يفسخ إلا إذا زاد إلى عشرة وهذا القول يبرز الفسخ في الجملة لأن مصلحة الوقف في هذه الحالة تكون ظاهرة ولكن المعتمد عندهم أن الفسخ يكون بالزيادة التي لا يتغابن الناس فيها عادة سواء كانت نصفاً أو ربعاً أما الزيادة اليسيرة كالواحدة من العشرة فإنه لا يفسخ العقد من أجلها باتفاق. الوجه الثاني: أن تكون العين المستأجرة مشغولة بملك بحيث لا يمكن إخلاؤها بدون إتلاف ذلك الملك ويشتمل ذلك الوجه على صورتين: الصورة الأولى: أن تكون العين مشغولة بالزرع الذي له مدة ينتهي إليها حصاده كالقمح والذرة ونحو ذلك. وحكم هذه الصورة أن تعرض الزيادة على المستأجر فإن قبلها فإنها تحسب عليه من وقت الزيادة إلى أن يحصد ولو انتهت مدة العقد وإن لم يقبل الزيادة يؤمر بقلع الزرع إن لم يضر بالأرض فإن أضر بها يتملكه الناظر لجهة الوقف بقيمته جبراً على المستأجر. الصورة الثانية: أن تكون الأرض مشغووولة بالبناء وغرس الأشجار ليس لها مدة يقلع فيها كانخيل والرمان ونحو ذلك وفي هذه الحالة تعرض الزيادة على المستأجر فإن قبلها تحسب عليه من وقتها إلى انتاهء مدة العقد فقط لأن الشجر والبناء ليست لهما مدة معلومة. فإذا كانت مؤجرة مشاهرة فسخها وأجرها لغيره. أما البناء أو الشجر إن كان قلعة يضر بالوقف فالناظر مخير إما أن يضمه للوقف بقيمته أو يتركه حتى يسقط وحده. أما إذا لم يضر بالوقف فإنه المستأجر يكلف برفعه وأخذه ومحل هذا كله إذا كان الغرس والبناء بدون إذن الناظر لإغن كان بإذنه فإنه يضم للوقف ويرجع الغارس أو الباني على الناظر بقيمة ما أنفقه.