للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٠ - القتل بالترك: وكما يجوز فى الشريعة الإسلامية أن يكون القتل بفعل مادى أو معنوى؛ أى بفعل إيجابى، فإنه يجوز أن يكون القتل بالسلب؛ أى بغير فعل إيجابى يصدر عن الجانى بحيث يمتنع الجانى عن عمل معين فيؤدى امتناعه إلى قتل المجنى عليه، فمن حبس إنسانًا ومنعه عن الطعام أو الشراب أو الدفء فى الليالى الباردة حتى مات جوعًا أو عطشًا أو بردًا فهو قاتل عمدًا إن قصد بالمنع قتله، وذلك ما يراه مالك (١) والشافعى (٢) وأحمد (٣) ، أما أبو حنيفة فلا يرى الفعل قتلاً لأن الهلاك حصل بالجوع والعطش والبرد لا بالحبس ولا صنع لأحد فى الجوع والعطش، ولكن أبا يوسف ومحمدًا يريان الفعل قتلاً عمدًا؛ لأنه لا بقاء لآدمى إلا بالأكل والشرب والدفْ فالمنع عند استيلاء الجوع والعطش والبرد عليه يكون إهلاكًا له (٤) ولكنه قتل بالتسبب، ولا يقتص فى القتل بالتسبب عندهما وعند أبى حنيفة.

والأم التى تمنع ولدها الرضاع قاصدة قتله تعتبر قاتلة عمدًا، ولو أنها لم تأت بعمل إيجابى (٥) .

ومن منع فضل مائة مسافرًا عالمًا بأنه لا يحل له منعه وأنه يموت إن لم يسقه اعتبر قاتلاً عمدًا له وإن لم يك قتله بيده (٦) ، وهو رأى فى مذهب مالك ويرى البعض أنه قتل شبه عمد، وهو رأى فى مذهب أحمد (٧) .

وإذا حضرت نساء ولادة فقطعت إحداهن سُرَّة الوليد وامتنعت عن ربط


(١) الشرح الكبير للدردير ج٤ ص٢١٥.
(٢) نهاية المحتاج ج٧ ص٢٣٩.
(٣) المغنى ج٩ ص٣٢٨.
(٤) بدائع الصنائع ج٧ ص٢٣٤ , البحر الرائق ج٨ ص٢٩٥.
(٥) شرح الدرديرج٤ ص٢١٥.
(٦) مواهب الجليل للحطاب ج٦ ص٢٤٠.
(٧) المغنى ج٩ ص٥٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>