للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواء عفا عن القتل أو لم يعف، وعليه في ذلك القصاص؛ لأن الجاني يستقاد له ومنه وتعقل جراحاته ما لم يقتل (١) .

٣٨٣ - ثانياً: حكم ما دون القتل:

إذا وجب على الجاني قصاص متلف فيما دون النفس كقطع إصبع أو يد أو أذن كان الجاني غير معصوم بالنسبة لمستحق القصاص في حدود ما يستحقه فقط، فليس لمستحق القصاص أن يقطع غير العضو المماثل، فإن فعل فهو قاطع عمداً، وإن قطع العضو المماثل فلا يسأل عن القطع وإنما يسأل عن إفتياته على السلطات العامة وتعجله بالقصاص. أما لو كان القاطع أجنبياً فهو مسئول عن القطع؛ لأن الجاني معصوم في حقه ولم يهدر إلا للمجني عليه أو وليه.

وإذا قطع المستحق طرفاً من الجاني في الوقت المعين للقصاص أو قبله فسرى القطع إلى النفس ومات الجاني منه فلا يسأل المستحق عن الموت، لأنه نشأ عن فعل مباح هو استعمال حق القصاص. وهذا هو رأي الشافعي وأحمد وأبي يوسف ومحمد من فقهاء المذهب الحنفي، وحجتهم أن الموت نشأ عن فعل مأذون فيه ولا يعتبر جريمة وما تولد عن مباح فهو مباح، فضلاً عن أن تنفيذ العقوبة ضرورة لابد منها، فلو حمل منفذ العقوبة النتائج التي تتولد عن فعله لتعطل تنفيذ العقوبات.

أما أبو حنيفة فيرى أن المستحق يسأل عن الموت باعتباره قاتلاً شبه متعمد، وحجته أن الفعل المأذون فيه هو القطع وهو حقه ولكنه استوفى أكثر من حقه وجاء بالقتل فعليه مسئوليته (٢) .

أما مالك فهو وإن كان يرى منع المستحق من أن يقتص في الأطراف لنفسه إلا أنه يمنعه للمصلحة العامة، مع التسليم بأنه صاحب حق في القصاص،


(١) مواهب الجليل ج٦ ص٣٢٥، المدونة ج١٦ ص٢٢٢، المغني ج٩ ص٣٩١.
(٢) المغني ج٩ ص٤٤٣، المهذب ج٢ ص٢٠٠، تحفة المحتاج ج٤ ص٢٧، بدائع الصنائع ج٧ ص٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>