وضعت لهذه الجرائم هي التي بعثت فكرة القصد الاحتمالي إلى الوجود وجعلت منها نظرية خاصة.
وأكثر القوانين الوضعية لا تضع قواعد عامة للقصد الاحتمالي وتكتفي بالنص عليه في جرائم خاصة هي جرائم الضرب والجرح والجرائم الأخرى التي تؤدي إلى قتل أو جرح، فقانون العقوبات المصري مثلاً يأخذ الجاني بقصده المحتمل في جرائم الجرح والضرب (المواد من ٢٤٠ إلى ٢٤٣ عقوبات) ، وفي جرائم تعذيب متهم لحمله على الاعتراف (المادة ١٢٦ عقوبات) ، وفي جريمة تعطيل المواصلات أو تعريضها للخطر إذا أدى ذلك إلى جرح إنسان أو موته (المادتان ١٦٧، ١٦٨ عقوبات) ، في جريمة الحرق المتعمد إذا أدى إلى موت شخص كان موجوداً في الأماكن المحرقة (المادة ٢٥٧ عقوبات) ، وفي جريمة تعريض الأطفال للخطر إذا نشأ عن ذلك انفصال عضو من أعضاء الطفل أو فقد منعته أو نشأ عن ذلك موت الطفل (المادتان ٢٨٥، ٢٨٦ عقوبات) . ولم يضع القانون المصري قواعد عامة للقصد الاحتمالي إلا عندما تعرض لعقوبة الشركاء، حيث نصت المادة ٤٣ عقوبات على أن:"من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها، ولو كانت غير التي تعمد ارتكابها، متى كانت الجريمة التي وقعت بالفعل نتيجة محتملة للتحريض أو الاتفاق أو المساعدة التي حصلت".
ونظرية القصد الاحتمالي لن تعرف في القوانين الوضعية إلا أخيراً، وهي من النظريات المسلم بها علمياً المختلف في شأنها عملياً، فالقوانين تختلف في مدى تطبيقها، والشراح يختلفون في تصويرها وتحديدها، ولكن ما أخذت به القوانين وما يراه الشراح على اختلافهم لا يخرج في مجموعه عن النظريات الثلاث التي عرفها الفقه الإسلامي.
فالقانون المصري يأخذ في جرائم القتل والضرب والجرح بنظرية أبي حنيفة، وإن كان لا يشترط صراحة في جريمة القتل العمد توفر قصد إزهاق روح القتيل؛