للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في رأي أبي حنيفة والشافعي وبعض الحنابلة (١) ، أما البعض الآخر فيرى مع مالك أن الإقامة المؤقتة ليس لها مدة معينة (٢) . والأصل عند الشافعي أن مدة الإقامة لا يزيد على أربعة أشهر إلا إذا رأي الإمام وكان في ذلك مصلحة (٣) .

وإذا انتهت مدة إقامة الحربي كان من حق الدولة الإسلامية أن تبعده من أرضها، ولها أن تبعده ولو لم تنته مدة إقامته إذا أتى ما يخل بالأمن، أو خشي منه الإخلال بالأمن، تطبيقاً لقوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء} [الأنفال: ٥٨] ، ولقوله تعالى: {فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ} [التوبة: ٧] ، على أنه يشترط عند الإبعاد أن يبعد الحربي إلى مكان يأمن فيه على نفسه، أو أن يرد إلى مأمنه، لأنه دخل دار الإسلام على أمان، فوجب أن لا يعرض للهلكة، وأن يرد إلى المكان الذي يأمن فيه، قوله تعالى: {ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: ٦] .

ويلاحظ أنه لا يجوز إبعاد الذمي ولو خشى من خيانته، أو أتى ما يدل على خيانته، ويفرقون بينه وبين المستأمن بأن الذمي من رعايا الدولة، ويقيم في دار الإسلام إقامة دائمة، فهو كالمسلم في قبضة الإمام، وخيانته إن ظهرت يمكن استدراكها وعقابه عليها كخيانة المسلم، أما المستأمن فليس كذلك، ومن الصعب استدراك خيانته (٤) .

٢٣١ - الشريعة والقوانين: تأخذ القوانين الوضعية بمبدأ منع الأجانب من دخول أرض الوطن وإبعادها عنها بعد دخولهم كلما اقتضت ذلك مصلحة عامة، ولا تجيز القوانين الوضعية دخول الأجانب أرض الدولة إلا بإذن،


(١) شرح فتح القدير ج٤ ص٣٥١، المغني ج١٠ ص٤٣٧.
(٢) المغني ج١٠ ص٤٣٦، مواهب الجليل ج٣ ص٣٥٩.
(٣) أسنى المطالب ج٤ ص٢٠٤.
(٤) شرح فتح القدير ج٤ ص٢٩٤، مواهب الجليل ج٣ ص٣٨٦، المهذب ج٢ ص٢٩٤، المغني ج١٠ ص٥٢٠ وما عبدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>