للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠] .

وقد اختلف في صحة شرط تسليم الرجال المسلمين بعد الاتفاق، فيرى أحمد وبعض الفقهاء في مذهب مالك أنه صحيح ويجب الوفاء به (١) .

ويرى أبو حنيفة وبعض الفقهاء في مذهب مالك في شرط التسليم باطل، حيث لا يجيزون تسليط غير المسلم على المسلم بأي حال (٢) .

ويفرق الشافعية بين من له عشيرة تحميه في دار الحرب، ومن ليس له عشيرة تحميه، ويجيزون تسليم الأول دون الثاني، وأساس منع التسليم عندهم هو خشية الفتنة (٣) .

ويلاحظ أن من أسلم من دار الحرب ولجأ إلى دار الإسلام يعتبر بدخوله دار الإسلام من أهل هذه الدار، ورعية للدولة الإسلامية التي دخل أرضها، ومن ثم الدولة حين تمتنع عن تسليمه إنما تمتنع عن تسليم أحد رعاياها، وهذا في ذاته تطبيق لقاعدة الشريعة العامة التي لا تجيز للدولة الإسلامية أن تسلم رعاياها لدولة غير إسلامية، ولا يعتبر تسليم الرعايا دولة إسلامية أخرى خروجاً عن هذه القاعدة العامة، لأن أراضي الدول الإسلامية كلها تعتبر داراً للإسلام وتخضع لشريعة واحدة هي الشريعة الإسلامية، ولأن كل دولة إسلامية تمثل النظام الإسلامي في العالم كله.

ويجوز لأي دولة إسلامية أن تسلم المستأمن للدولة التي يتبعها إذا طلبته لتعاقبه على جريمة ارتكبها في بلده بشرط أن يكون هناك اتفاق يقضي بذلك، ولكن ليس لها أن تسلمه إلى دولة أخرى غير دولته، لأن هذا يتنافى مع عقد الأمان الذي أعطي له فأمن بمقتضاه على نفسه، إلا أن يكون هناك عهد بين الدولة الإسلامية وبين الدولة طالبة التسليم يقضي بالتسليم فيعتبر الأمان قائماً على


(١) المغني ج١٠ ص٥٢٤، مواهب الجليل ج٣ ص٣٨٦.
(٢) فتح القدير ج٤ ص٢٩٦، روح المعاني للألوسي ج٢٨ ص٦٧- ٦٨، مواهب الجليل ج٣ ص٣٨٧.
(٣) المهذب ج٣ ص٢٧٧، أسنى المطالب ج٤ ص٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>