للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على جميع المقيمين في أرض الدولة من وطنيين وأجانب على ما يقع منهم داخل أرض الدولة فقط من الجرائم، أما ما يقع منهم في الخارج فلا عقاب عليه، وقد ظلت هذه النظرية سائدة حتى القرن التاسع عشر، وهي نفس نظرية أبي يوسف.

والثالثة: تقضي بتطبيق القانون على كل المقيمين بأرض الدولة من وطنيين وأجانب إذا ارتكبوا أية جريمة داخل حدود الدولة، كما تقضي بتطبيق القوانين على بعض الجرائم التي ترتكب خارج أرض الدولة، وهذه النظرية هي السائدة اليوم في القوانين الوضعية، وهي النظرية التي أخذ بها قانون العقوبات المصري. ولا فرق بين هذه النظرية ونظرية مالك والشافعي وأحمد إلا أن نظرية الفقهاء الإسلاميين تجعل العقاب واجباً في بعض الجرائم التي تقع في الخارج ولا خيار لولي الأمر فيه، وتترك لولي الأمر أن يعاقب على البعض الآخر إن رأى مصلحة في ذلك.

أما النظرية القانونية فتترك للهيئة التشريعية أن تعاقب على ما ترى مصلحة في العقاب عليه من الجرائم التي تقع في الخارج. وهذا الفرق ليس له أثر كبير من الوجهة العملية، لأن الجرائم التي يجب فيها العقاب طبقاً للنظرية الإسلامية هي من أخطر الجرائم وأهمها، ومصلحة الدولة تقتضي العقاب عليها.

٢١٨ - كيف يمكن تطبيق النظريات الإسلامية مع تعدد دول الإسلام؟: يلاحظ على النظريات الإسلامية أنها تقسم العالم قسمين: دار الإسلام، ودار الحرب، وقد يظن البعض أن هذا يقتضي أن تكون البلاد الإسلامية كلها تحت حكم دولة واحدة، والبلاد الأجنبية كلها تحت حكم دولة واحدة، وهو ظن لا أساس له من الواقع، فالنظريات الإسلامية لم توضع على أساس أن تكون البلاد الإسلامية محكومة بحكومة واحدة، وإنما وضعت على أساس ما يقتضيه الإسلام، والإسلام يقتضي أن يكون المسلمون في كل بقاع الأرض يداً واحدة، يتجهون اتجاهاً واحداً تسوسهم سياسة واحدة، وأبسط الصور وأكفلها بتحقيق هذه الغاية أن تكون كل بلاد الإسلام تحت حكم دولة واحدة، ولكن ليست هذه هي الصورة

<<  <  ج: ص:  >  >>