للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنفيذها تنفيذ العقوبات الأخرى، ولا ينطبق هذا المعنى إلا على عقوبة القتل فإن تنفيذها يمنع بالضرورة من تنفيذ غيرها، ومن ثم فهى فى الشريعة العقوبة الوحيدة التى تجب ما عداها، وهناك خلاف على نظرية الجب ومداها، وقد فصلنا القول عن تعدد العقوبات والتداخل والجب فى القسم العام ونكتفى هنا بما ذكرنا (١) .

٥٥٠ - من الذى يقيم الحد؟: من المتفق عليه بين الفقهاء أنه لا يجوز أن يقيم الحد إلا الإمام أو نائبه؛ لأن الحد حق الله تعالى ومشروع لصالح الجماعة فوجب تفويضه إلى نائب الجماعة وهو الإمام، ولأن الحد يفتقر إلى الاجتهاد ولا يؤمن فى استيفائه من الحيف والزيادة على الواجب فوجب تركه لولى الأمر يقيمه إن شاء بنفسه أو بواسطة نائبه. وحضور الإمام ليس شرطًا فى إقامة الحد لأن النبى - صلى الله عليه وسلم - لم ير حضوره لازمًا فقال: "اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها"، وأمر عليه السلام برجم ماعز ولم يحضر الرجم، وأُتى بسارق فقال: "اذهبوا به فاقطعوه".

لكن إذن الإمام بإقامة الحد واجب، فما أقيم حد على عهد رسول الله إلا بإذنه، وما أقيم حد على عهد الخلفاء إلا بإذنهم، ومما يروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى هذا قوله: "أربع إلى الولاة: الحدود والصدقات والجمعات والفئ". والإذن بإقامة الحد إما أن يكون إذنًا مؤقتًا يصدر بمناسبة كل حالة، وإما أن يكون إذنًا دائمًا يصدر إلى النواب والحكام بإقامة الحد على المحكوم عليهم بحد (٢) .

وهناك خلاف بين أبى حنيفة من ناحية ومالك والشافعى وأحمد من ناحية أخرى على ما إذا كان للسيد أن يقيم الحد على عبيده، ولم نر داعيًا للتعرض لهذا المبحث بعد أن ألغى الرقيق فى العالم.


(١) شرح فتح القدير [ج٤ ص٢٠٨] ، شرح الزرقانى [ج٨ ص١٠٨] ، المغنى [ج١٠ ص١٩٧] ، الإقناع [ج٤ ص٢٤٩] ، أسنى المطالب [ج٤ ص١٥٧] .
(٢) المغنى [ج١٠ ص١٤٦] وما بعدها، شرح فتح القدير [ج٤ ص١٢٩] ، المهذب [ج٢ ص٢٨٧] ، أسنى المطالب [ج٤ ص١٣٢] ، شرح الزرقانى [ج٨ ص٨٤] .

<<  <  ج: ص:  >  >>