للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ، غَيْرَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِى الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ - قَالَتْ - فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ يَوْمِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِى مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِى عَنْهُ أَذَاهُ فِى أَهْلِى، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى إِلَاّ خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَاّ خَيْرًا، وَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِى إِلَاّ مَعِى». قَالَتْ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَخُو بَنِى عَبْدِ الأَشْهَلِ فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْذِرُكَ، فَإِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ. قَالَتْ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بِنْتَ عَمِّهِ مِنْ فَخِذِهِ، وَهْوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهْوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ - قَالَتْ - وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلاً صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ لِسَعْدٍ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلُهُ، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلَ. فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ - وَهْوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ - فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ. قَالَتْ فَثَارَ الْحَيَّانِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ - قَالَتْ - فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ - قَالَتْ - فَبَكَيْتُ يَوْمِى ذَلِكَ كُلَّهُ، لَا يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ - قَالَتْ - وَأَصْبَحَ أَبَوَاىَ عِنْدِى، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا، لَا يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، حَتَّى إِنِّى لأَظُنُّ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِى، فَبَيْنَا أَبَوَاىَ جَالِسَانِ عِنْدِى وَأَنَا أَبْكِى فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَىَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِى مَعِى - قَالَتْ - فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ - قَالَتْ - وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِى مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِى شَأْنِى بِشَىْءٍ - قَالَتْ - فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، يَا عَائِشَةُ إِنَّهُ بَلَغَنِى عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِى اللَّهَ وَتُوبِى إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ». قَالَتْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِى حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لأَبِى أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِّى فِيمَا قَالَ. فَقَالَ أَبِى وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقُلْتُ لأُمِّى أَجِيبِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا قَالَ. قَالَتْ أُمِّى وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لَا أَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرًا إِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِى أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّى بَرِيئَةٌ لَا تُصَدِّقُونِى، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّى، فَوَاللَّهِ لَا أَجِدُ لِى وَلَكُمْ مَثَلاً إِلَاّ أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: ١٨] ثُمَّ تَحَوَّلْتُ وَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِى، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِى بِبَرَاءَتِى وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>