للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَإِنَّكَ قَدْ أصبتَ فَإِنَّ قَائِلا (١) يَقُولُ: انصرفْ (٢) عَلَى يَمِينِكَ، فَإِذَا كنتَ (٣) تصلِّي انْصَرِفْ حَيْثُ أحببتَ عَلَى يَمِينِكَ أَوْ يَسَارِكَ، وَيَقُولُ (٤) نَاسٌ (٥) : إِذَا قعدتَ عَلَى حَاجَتِكَ


(١) قوله: فإن قائلاً يقول ... إلخ، كأنه يرد على من ألزم الانصراف عن اليمين مع ثبوت الانصراف في كلا الجانبين عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، ففيه أن من أصرَّ على مندوب والتزمه التزاماً هجر ما عداه يأثم، وقد ثَبَتَ الانصراف عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم في جانب اليمين واليسار من حديث ابن مسعود، فإنه قال: "لا يجعل أحدكم للشيطان شيئاً من صلاته يرى أن حقاً عليه أن لا ينصرف إلاَّ عن يمينه، لقد رأيت رسول الله كثيراً ينصرف عن يساره. وروى مسلم عن أنس، قال: أكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه. وجمع النووي بينهما بأن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم كان يفعل تارة بهذا وتارة بهذا، فأخبر كلٌّ ما اعتقده أنه الأكثر. وجمع ابن حجر بوجه آخر، وهو أن يُحمل حديث ابن مسعود على حالة الصلاة في المسجد لأن الحجرة النبوية كانت من جهة يساره، ويُحمل حديث أنس على ما سوى ذلك كحال السفر ونحوه. وبالجملة الانصراف في كلا الجهتين ثابت، فإلزام اليمين إلزام بما لم يلزمه الشرع، نعم، الجمهور استحبوا الانصراف إلى اليمين لكونه أفضل، وبه صرح كثير من أصحابنا.
(٢) أي: وجوباً.
(٣) هو قول ابن عمر رداً على القائل.
(٤) قوله: ويقول، يشير بذلك إلى من كان يقول بعموم النهي في المصر والصحراء، وهو مروي عن أبي أيوب وأبي هريرة ومعقل الأسدي.
(٥) قوله: ويقول ناس ... إلخ، فيه دليل على أن الصحابة كانوا يختلفون في معاني السنن، فكان كلّ واحد منهم يستعمل ما سمع على عمومه، فمن ههنا وقع بينهم الاختلاف، كذا في "الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري" للكرماني.

<<  <  ج: ص:  >  >>