﴿مَا كَانَ اللَّهُ﴾ أراد استمرارَ النفي، لا نفيَ الاستمرارِ، فمعنى ﴿كَانَ﴾ مقدَّمٌ في الاعتبار واللامُ في: ﴿لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ لتأكيدِ النفي.
﴿عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ﴾ من اختلاطِ المؤمنين المخلِصين بالمنافقين حتى يَميزَ بينَهُم، والخطابُ للمؤمنين المخلصين؛ لأنهم الممنونُ عليهم، والموصوفون بالطيبِ، ولقوله: ﴿لِيُطْلِعَكُمْ﴾.
﴿حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ تسجيل على المنافقين بالخبثِ، وعلى المؤمنين بالطيبِ؛ أي: حتى يُعزَلَ المنافق عن المخلصِ لئلا يتعدَّى خبثُهُ إليهِ.
والالتفاتُ إلى الخطاب تقريبٌ للمؤمنين وتخصيصٌ، والمعنى: لا يترككم مختلطين لا يُعرَفُ مخلِصكم من منافقكم حتى يميزَ المنافقَ من المخلصِ، بالوحيِ إلى نبيِّهِ بأحوالكم، أو بالتكاليفِ الشاقة التي لا يَصَرُ عليها ولا يُذعِنُ لها إلا الخلَّصُ المخلِصون منكُم؛ كبذل الأموالِ والأنفسِ في سبيل الله؛ ليختبِرَ بواطِنكم، ويستدلَّ به على عقائدكم.
(١) أي: على القراءة الأخيرة. انظر: "روح المعاني" (٥/ ١٥٧).