للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٥٢) - ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾.

﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ﴾ نزَّلَ الكفرَ منزلةَ آثاره المحسوسةِ من سبِّهِ وطلبِهِ للقتلِ مبالغةً في قوة تأثيره وشدِّةِ ظهوره، ثم كنى بإحساسهِ عن التأثرِ به، والخوفِ منهم، ولذلكَ طلب الأنصارَ، ومَن وهَمَ أن الإحساسَ مستعارٌ للعلمِ اليقينيِّ الذي لا شبهةَ فيه فقد وهِمَ؛ لأنَّ فيه تشبيهَ القويِّ بالضعيفِ، فإن الإحساسَ كثيرًا ما يقعُ فيه الغلطُ.

نعم؛ لو قيلَ: شبَّه الكفرَ المعقولَ بالمحسوسِ في قوةِ الظهورِ، فأضافَ إليه الإحساسَ على طريقةِ الاستعارةِ بالكنايةِ، لكانَ له وجهٌ، والفاءُ فصيحةٌ ترتيبُها على محذوفٍ يُفهَمُ من سياق الكلام وسباقه.

﴿قَالَ مَنْ أَنْصَارِي﴾: جمعُ النصيرِ؛ كالأشرافِ: جمع الشريفِ، أو جمعُ ناصرٍ؛ كالأصحاب: جمع صاحب.

﴿إِلَى اللَّهِ﴾: في محلِّ النصبِ متعلقٌ بحالٍ محذوفٍ؛ أي: سائرًا إلى اللهِ، أو: ملتجئًا، أو صلةٌ لـ ﴿أَنْصَارِي﴾ مضمَّنًا (١) معنى فعلٍ متعدٍّ (٢) بـ (إلى)؛ أي: مَن الذين يُضيفون (٣) أنفسهُمْ إلى الله تعالى ينصرونني كما ينصرني الله.

﴿قَالَ الْحَوَارِيُّونَ﴾: حواريُّ الرجلِ: صفوته وخالصتُهُ، من الحَوَرِ؛ وهو


(١) في (د): "متضمنًا".
(٢) في (ح) و (ف) و (ك): "المتعدي"، وفي (م): "متعدي".
(٣) في (ح) و (د) و (ت): "يضيقون".