للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ﴾: عطفٌ على ﴿وَرَسُولًا﴾ أو على ﴿بِآيَةٍ﴾ تقديره: قد جئتكُمْ بآيةٍ، وجئتكُم مصدِّقًا.

﴿وَلِأُحِلَّ لَكُمْ﴾ ولأبيِّنَ الحلَّ وأعلِّمَه، معطوفٌ على محذوفٍ تقديرُهُ: لأخفِّفَ عنكُمْ ولأحلَّ لكم، أو معطوفٌ على معنى: (مصدقًا) كقولهم: أجئتك، (١) معتذرًا ولأطيِّبَ قلبكَ، أو مردود على قوله: (جئتكم بآية)، أي: منتظِمٌ معه معطوفٌ عليهِ ظاهرًا، لكنه في التحقيقِ مِن عطفِ الجمَلِ، أي: وجئتكم بآيةٍ لأحِلَّ؛ إذ (٢) لا وجهَ لعطف المفعول له على المفعول به، ولك أن تجعل الكلَّ في معنى الحال فيستقيمَ العطفُ؛ أي: جئتكم ملتبسًا بآيةٍ، ومصدقًا لما بين يديَّ، وكائنًا لأحل لكم (٣).

﴿بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾؛ أي: في شريعة موسى ؛ كالشحومِ، والشروبِ، والسمكِ، ولحومِ الإبلِ، والعملِ في السبتِ، وذلك لا يُنافي كونَه مصدِّقًا للتوراةِ؛ لأن النسخَ في الحقيقةِ بيانٌ لانتهاء حكمِ المنسوخ.

﴿وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ أي: جئتكم بآيةٍ بعد أُخرى مما ذكرتُ لكم ومما لم أذكُر؛ من ولادَتي بغير أبٍ، ومن كلامي في المهدِ، وغيرِ ذلكَ.

وقرئ: (بآيات من ربكم) (٤).

﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ لما جئتكم بهِ من الآياتِ.

﴿وَأَطِيعُونِ﴾ فيما أدعوكمِ إليه (٥)، ثم ابتدأَ فقال:


(١) من "تفسير البيضاوي" (٢/ ١٨).
(٢) في (د): "إذا".
(٣) "لكم" من (ح) و (ك) و (ف).
(٤) تنسب لابن مسعود . انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٢١ - ٢٢).
(٥) في النسخ عدا (م): "أدعوكم به"، والمثبت من (م)، وهو الموافق لما في "الكشاف" (١/ ٣٦٥)، و"تفسير البيضاوي" (٢/ ١٨).