للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَحَصُورًا﴾: ممتنعًا عن (١) النساءِ مع القدرةِ عليهنَّ، والحصَرُ: الحبسُ والمنعُ، وهو فعولٌ بمعنى الفاعلِ.

وقيلَ: هو المتبتِّلُ الذي حصَرَ نفسه عن كل لذةٍ في الدنيا، رويَ: أنه مرَّ في صباهُ بصبيانٍ فدعَوه إلى اللعبِ؛ فقالَ: ما للَّعبِ خُلِقتُ (٢).

﴿وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾: ناشئًا منهم؛ لأنَّه كانَ من أصلابِ الأنبياءِ ، أو: كائنًا من الصالحينَ. وفي توصيفِهِ بالصلاحِ بعدَ توصيفِهِ بالنبوة ما لا يخفى من التعظيمِ للصلاحِ.

* * *

(٤٠) - ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾.

﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ﴾: استعظامًا وتعجبًا، وفي عبار الغلامِ دونَ الولدِ تقويةٌ لهُ، وذكرُ الغلامِ كانَ في البشارةِ على ما ذُكرَ في سورة مريم، وتُركَ هاهنا اختصارًا.

والاستبعادُ بحسبِ العادةِ لا يناسبُ الحالَ وسياقَ المقالِ، إلا على قولِ مَن قال: كانَ دعاؤه قبلَ بشارته بأربعين سنةً؛ فلذلكَ نسيَ ما سأل ربهُ حتى قالَ ما قالَ. على أنَّ الاستعظامَ ينتظِمهُ إذا اقتضاهُ المقامُ، وأما الاستفهامُ عن كيفيةِ حدوثهُ فلا يناسبُه تمامُ الكلام، ولا ينتظِمهُ الجوابُ حقَّ الانتظام.


(١) في (ك) و (م): "من".
(٢) انظر: "تفسير البيضاوي" (٢/ ١٥). ورواه عبد الرزاق في "تفسيره" (١/ ١٢٠) عن معمر. وابن عساكر في "تاريخه" (٦٤/ ١٨٣) من حديث معاذ بن جبل مرفوعًا.