للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً﴾؛ أي: تفضَّل عليَّ بإعطاءِ ولدٍ وإبقائهِ كما وهبتَ لامرأةِ عمرانَ وهي عجوزٌ عاقرٌ، يفهَم هذا من قولهِ: ﴿مِنْ لَدُنْكَ﴾ فإنَّ فيهِ إشارةً إلى أنَّ تلك الهبةَ على خلاف العادةِ.

وقيلَ: لما رأى الفواكهَ في غيرِ أوانها انتبه على جوازِ ولادةِ العاقرِ من الشيخِ فسألَ.

وأولى منهُ أن يُقالَ: لما شاهدَ وقوعَ هذا الخارقِ كرامةً لمريمَ امتدَّ أملُهُ إلى خارقٍ يناسبه كرامةً له (١)، والذريةُ: الولدُ، يقعُ على الذكرِ والأُنثى، والواحدِ والجمعِ.

وتأنيثُ الطيِّبةِ للَفظِ الذريةِ، والطيبُ: هوَ الذي يُستطابُ، فلا يكونُ فيهِ أمرٌ يُستخبَثُ ويُعابُ.

﴿إِنَّكَ سَمِيعُ﴾: مجيبُه.

* * *

(٣٩) ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾.

﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ﴾: كان النداءُ مِن جبريلَ وحدَهُ، وإنما ذكرَهُ جمعًا، لأنهُ إذا نزلَ لأمرٍ (٢) خارقٍ كان معهُ (٣) جماعةٌ من الملائكةِ تعظيمًا لذلكَ الأمرِ، وهذا كما يقالُ: حضرَ زيدًا خواصُّ السلطانِ يدعونَهُ إليهِ، وإن كانَ الذي يخاطِبهُ بالدعوةِ واحدًا منهم.


(١) "له" من (د).
(٢) في (ك): (أمر).
(٣) في (ح): "معتمد"، وفي (ف) و (ك) و (م): "يعتمد".