للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾: فليس (١) من ولايةِ اللهِ في شيءٍ يطلَقُ عليه اسمُ الولايةِ، فإن ولايةَ العدوِّ عداوةٌ وهم أعداءُ اللهِ.

﴿إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾: إلا أن تخافوا مِن جهتهِمْ أمرًا يجب اتِّقاؤهُ، في محلِّ النصبِ على الظرفِ؛ أي: إلا وقتَ أن تتقوا.

قيلَ: بمعنى: تخافُوا وتحذرُوا، فتعدَّى (٢) بـ (من).

كأنَّ هذا القائلَ ظنَّ أن خافَ وحذرَ (٣) لا يتعدَّى بنفسِهِ؛ ولم يصِبْ.

ويكونُ ﴿تُقَاةً﴾ نصبًا على المصدرِ بمعنى: متَّقًى، وقرئ: ﴿تَقَيَّةً﴾ (٤) فعِيلةٌ (٥) بمعنى مفعولٍ، أو تسميةً بالمصدرِ أيضًا.

ويجوزُ أن يكونا مصدرين إنْ جُعلَ مفعولًا بهِ، ففيهِ مبالغةٌ شديدةٌ حيث كان الرخصة معلَّقةً بشدةِ الخوفِ، حتى إن المحذورَ من غايةِ كونهِ مخوفًا كأنهُ نفسُ الحذرِ.

وفيهِ التفاتٌ، ولا يخفَى ما فيهِ من اللطفِ؛ فإنهم لما نُهوا عن فِعل ما لا يجوز جعِلَ ذلك في اسم غائبٍ، فلم يواجَهُوا بالنهيِ، ولما وقعتِ المسامحةُ والإذن في بعضِ ذلك ووجِهوا به إيذانًا بلطفِ اللهِ تعالى بهم، وتشريفًا بخطابِه إياهُم.

﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ فلا تتعرضوا لسخَطهِ بموالاةِ الأعداءِ، وعيدٌ شديدٌ


(١) "فليس" ليست (ك) و (ف).
(٢) في (د): (فعدي).
(٣) في (ك) و (م): "وكدا حذر".
(٤) وهي قراءة يعقوب من العشرة. انظر: "النشر" (٢/ ٢٣٩).
(٥) في (م): "فعلية"، وهو تحريف.