للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أن رسولَ اللهِ دخلَ مدارسهُمْ؛ فقالَ له نُعَيمُ بنُ عمرٍو والحارثُ بنُ زيدٍ: على أيِّ دينٍ أنت؟ فقالَ : "على دين إبراهيم" فقالا له: إنَّ إبراهيم كان يهوديًّا، فقال: "هلمُّوا التوراةَ، فإنها بينَنا وبينكُم"، فأَبَيا، فنزلَتْ (١).

وقيل: نزلت في الرجم (٢)، وقد اختلفوا فيه.

وعنِ الحسنِ وقتادةَ: كتابُ اللهِ القرآنُ؛ لأنهم قد علِموا أنه كتابُ اللهِ لم يشكُّوا فيهِ.

﴿ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ﴾: استبعادٌ لتوليهم بعدَ علمهِم أن الرجوعَ إلى كتابِ الله واجبٌ.

﴿وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾: وهم قومٌ عادتهم الإعراضُ، اعتراضٌ لا حالٌ؛ لقلةِ فائدةِ تقييد التولِّي به، وإن استقامَ أن تكون حالًا مؤكِّدةً.

وقرئ: ﴿لِيَحْكُمَ﴾ على البناء للمفعول (٣).

والوجهُ أن يرادَ ما وقعَ من الاختلافِ والتعادي بين مَن أسلم من أحبارِهم وبينَ من لم يسلم، وأنهم دُعوا إلى كتاب اللهِ الذي لا اختلافَ بينهم في صحتهِ - وهو التوراةُ - ليحكُمَ بين المحقِّ والمبطل منهم، ثم يتولى فريقٌ منهم وهمُ الذين لم يسلموا، وذلكَ أن قوله: ﴿لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ﴾ يقتضي أن يكونَ اختلافًا واقعًا بينهُم، لا فيما بينهم وبين رسول الله " (٤).


(١) انظر: "الكشاف" (١/ ٣٤٨)، ورواه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٢٩٣) عن ابن عباس ، وفي إسناده محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت وهو مجهول كما في "التقريب ".
(٢) ذكره الراغب، انظر: "تفسيره" (٢/ ٤٨١)، و"تفسير البيضاوي" (٢/ ١٠).
(٣) وهي قراءة أبي جعفر من العشرة، انظر: "النشر" (٢/ ٢٢٧).
(٤) في هامش (د) و (ف): "لا ما سبق من الاختلاف بين اليهود والرسول في ملة=