للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرئ: (إنه) بالكسر و (أنَّ) بالفتح (١) على وقوعِ الفعلِ على الثاني، واعتراضِ ما بينَهُما، أو إجراءِ ﴿شَهِدَ﴾ مُجرى قال تارًة، وعلِمَ أُخرى لتضمُّنهِ معناهما.

﴿وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ مِن اليهودِ والنصارى.

﴿إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ﴾: من بعدِ ما تمكَّنوا من العلمِ بحقيقة الأمر بالآياتِ البيناتِ، لا خَفاءَ في أن المراد اختلافُهم فيما بينهم على ما دلَّ عليه قولُهُ:

﴿بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾ حسدًا وطلبًا للرئاسةِ. انقسمتِ اليهودُ إلى قرائيِّ وربانيٍّ وسمرة (٢)، وانقسمت النصارى إلى ملكِيٍّ ويعقُوبِّي ونسطُوريٍّ، وكلُّ طائفةٍ تكفِّرُ مَن خالفها بعد أن كانت اليهودُ أمةً واحدةً، والنصارى كذلك، وقد تمكَّنُوا من العلم بحقيقةِ الأمر بالكتبِ المنزلةِ عليهِم من التوراةِ والزبورِ والإنجيلِ.

﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾: يرشدُكَ هذا إلى أنَّ المراد مِن مجيءِ العلمِ مجيءُ ما يفيد (٣) من الآياتِ.

﴿فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾؛ أي: لا يهمِلُ في جزائهِ ولا يمهلُ، فإن الحسناتِ كنايةٌ عن عدمِ الإهمالِ في الجزاء، وسرعتُهُ كناية عن عدم الإمهال (٤) في الإيصالِ، وهذا آيةُ وعيدٍ شديدٍ في الغاية.

* * *


(١) انظر: "الكشاف" (١/ ٣٤٥).
(٢) "وسمرة" سقط من (ك) و (م). ولعل المراد به السامرة، وهي قبيلة من اليهود تخالفهم في بعض دينهم. انظر: "اللسان" (مادة: سمر).
(٣) في (د) و (ك) و (م): "يفيده".
(٤) في (ف) و (ك) و (م): "الإهمال".