للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٢٠) - ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾.

﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ﴾ هو: حبيبُ بنُ إسرائيل (١) النجَّارُ؛ وكان يَنحتُ الأصنامَ.

﴿يَسْعَى﴾: يقصدُ وجهَ الله تعالى بالذَّبِّ عن رسله وهو مِن قوله: ﴿وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا﴾ [الإسراء: ١٩]، والسعيُ في الأصل: المشيُ بسرعةٍ وخفَّةِ حركةٍ، ثم استُعير للجِدِّ في إصلاح أمرٍ وفسادٍ.

﴿قَالَ﴾ استئنافٌ، على تقدير سؤالِ سائلٍ عمَّا قال عند ذلك: ﴿يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ باحَ بإسلامِه ليشغل (٢) القومَ عن الرسل، وقولُه: ﴿يَاقَوْمِ﴾ دلالةٌ وإظهارٌ منه أنَّه لا مباينةَ بيننا، ولا تهمَةَ في إرادةِ السوءِ بكم.

* * *

(٢١) - ﴿اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٢١) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾.

﴿اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ كلمةٌ جامعةٌ في الترغيب؛ أي: لا تَخسرون معهم شيئاً مِن دنياكم، وتربحون صحَّة دينكم، فينتظِم لكم خيرُ الدنيا وخيرُ الآخرة، ورشَّحها وقوَّاها بإبراز مناصحتِهم في صورة المناصحة لنفسه؛ ليكون أَدخلَ في إمحاض النُّصْح؛ حيث أرادَ لهم ما أرادَ لنفسِه، وليتلطَّف بهم ويُداريهم حتى لا يتعصبوا (٣) فيَقبلوا، فوضعَ قوله: ﴿وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي﴾ مكان قوله:


(١) في (ك): "أوس".
(٢) في (ك): "لشغل"، وفي (ع) و (م): "ليشتغل".
(٣) في (ع) و (م) و (ي): "يمتعصوا".