للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلى ما ذكر؛ فبيَّن في أحدِ القِسمين الحكمَ وفي الآخَر السببَ؛ اكتفاءً بما فُهِمَ ممَّا (١) ذكر في أحدهما حال الآخَر، وهذا غايةُ الإيجازِ، وقلَّما يتنبَّه لمثلِه إلَّا الحُذَّاقُ.

﴿إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ﴾ يَسمع وَيرى قولَ كلِّ ضالٍّ ومهتدٍ وفِعْلَه، لا يخفى عليه منهما شيءٌ وإنْ أخفاه.

* * *

(٥١) - ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾.

﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا﴾ حذف جواب (لو) للتهويل؛ أي: لرأيتَ أمرًا هائلًا لا يُمكِن وصفُه، ووقتُ الفزعِ وقتُ البعث وقيام الساعة، أو وقتُ الموت، وقيل: يومُ بدرٍ.

و (لو) و (إذ) والأفعالُ الماضية بعدهما وهي: ﴿فَزِعُوا﴾ و ﴿أُخِذُوا﴾، و ﴿حيل بينهم﴾ (٢) كلُّها للمضيِّ والمراد بها الاستقبالُ؛ للدلالة على تحقُّق وقوعِ معانيها عند اللهِ تعالى، وكلُّ ما يَفعلُ اللّهُ تعالى في المستقبل فهو بمنزلة الماضي لتحقُّق وقوعِه لا محالةَ، فكأنَّه قد وَقَعَ.

﴿فَلَا فَوْتَ﴾ فلا يفوتونَ اللّهَ ولا يَسبقونه؛ أي: لا فوتَ لهم.

﴿وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ من الموقف إلى النار، أو: مِن ظهرِ الأرض إلى بطنها، أو: مِن صحراءِ بدرٍ إلى القَليبِ.

والعطف على ﴿فَزِعُوا﴾؛ أي: فَزعوا وأُخذوا فلا فوتَ لهم، أو على (لا فوت)،


(١) في (ي): "بما".
(٢) قوله: "وحيل بينهم" من "الكشاف" (٣/ ٥٩٢)، ووقع في النسخ بدلا منه: "وجعل وفعل".