للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جارَة، وتخصيص الملائكة لا لأنَّهم أشرفُ معبودهم؛ لأنَّ عيسى أشرفُ منهم، ولا لانحصار صلاحيةِ الخطاب فيهم، بل لأنَّ مبدأَ الشرك عبادتُهم.

* * *

(٤١) - ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾.

﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ﴾: تنزيهًا لكَ أنْ نَعبُدَ معكَ غيرَك ﴿أَنْتَ وَلِيُّنَا﴾ أنت (١) الذي نواليه ﴿مِنْ دُونِهِمْ﴾ لا موالاةَ بيننا وبينهم، أرادوا بإثباتِ موالاةِ اللَّه تعالى ونفيِ موالاتهم براءَتهم مِن الرضا بعبادتهم؛ لأنَّ تخصيصَ موالاتهم به تعالى وإثباتَ معاداتهم إيَّاهم ينافي ذلك، ثم أضربوا عن عبادتهم لهم إلى إثباتِ عبادتهم للجِنِّ بقولهم:

﴿بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ﴾؛ أي: الشياطينَ الذي يخيِّلونهم ذلك؛ لأنهم أطاعوهم في عبادة غيرِ اللَّه تعالى، أو يتوهَّمون الصورَ الخبيثةَ ويحسبونها ملائكةً (٢).

﴿أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾ إنَّما قال: ﴿أَكْثَرُهُمْ﴾ لأنَّ عبادةَ بعضِهم كان عن وهمٍ واحتمالٍ، لا عن تصديقٍ واعتقادٍ.

* * *

(٤٢) - ﴿فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾.


(١) "أنت": ليست في (م).
(٢) قيل: صوّرت لهم الشياطين صور قوم من الجن وقالوا: هذه صور الملائكة فاعبدوها. انظر: "الكشاف" (٣/ ٥٨٨).