للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تقدير أن يكون الحديدُ ليِّنًا بإلانته تعالى، وأمَّا إذا كان على طبيعتِه وليَّنه داودُ بشدَّة قوَّته، فلا بُدَّ مِن التسمير، وبهذا التفصيل ظهر فسادُ ما قيل: ويؤيد الرَّدَّ المذكورَ: ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾.

﴿وَاعْمَلُوا﴾ الضمير لداودَ وأهلِه ﴿صَالِحًا﴾ عملًا يُوافقُ أمرَ اللَّه تعالى ﴿إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ ترغيبٌ وترهيبٌ.

* * *

(١٢) - ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ﴾.

﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ﴾: وسخَّرنا لسليمان الريحَ (١) فيمَن نَصَبَ، و: لِسُلَيْمَانَ الرِّيحُ مسخرةٌ فيمَن رَفَعَ (٢).

﴿غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ﴾؛ أي: جَريُها بالغداةِ مسيرةُ شهرٍ، وجَريُها بالعشيِّ كذلك.

﴿وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ﴾: النحاسِ المذابِ، أساله مِن معدنِ النحاس، فكان ينبعُ له نبوعَ الماء مِن الينبوع، ولذلك سمَّاه ﴿عَيْنَ الْقِطْرِ﴾، وكان ذلك باليَمَن.

﴿وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ﴾ ﴿وَمَن﴾ في محلِّ النصب عطفًا على ﴿الرِّيحَ﴾، و ﴿وَمِنَ الْجِنِّ﴾ حالٌ مُتقدِّمة، أو في محلِّ الرفع على الابتداء، و ﴿وَمِنَ الْجِنِّ﴾ خبرُه.

﴿بَيْنَ يَدَيْهِ﴾: قُدَّامَه ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِ﴾: بتيسيره، وقد سبق وجهُ هذه الاستعارة في سورة الأحزاب.


(١) بعدها في (ف) و (ك): "مسخرة".
(٢) هي قراءة شعبة عن عاصم، وحفص وباقي السبعة بالنَّصب. انظر: "التيسير" (ص: ١٨٠).