للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمشهور أنَّه آصفُ بن بَرخيا كاتبُ سليمان ، ويناسبه التَّعبير عنه بقوله:

﴿الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ﴾ وفي التَّوصيف به إشارة إلى أنَّه ما قدرَ على ما قدرَ (١) عليه بقوَّةٍ حيوانيَّةٍ (٢)، بل بقوَّةٍ صمدانيَّة.

﴿أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾ الطَّرْفُ: تحريكُ الأجفانِ؛ أي: ما بينَ امتدادِ الطَّرْفِ بفتحها وارتداده بطبقها، وليس فيه وضع الطَّرْفِ موضعَ النَّظرِ (٣).

﴿فَلَمَّا رَآهُ﴾؛ أي: العرشَ، والفاء فصيحة؛ أي: أَذن له سليمانُ فأتى به فلمَّا رآه.

﴿مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ﴾: ثابتًا غيرَ مضطربٍ لديه، وقرارُه في موضعه أمرٌ آخر وراءَ حضورِه يحتاج إلى فضلِ زمانٍ بحسَب العادة، وبهذا الاعتبار كان لعبارة ﴿مُسْتَقِرًّا﴾ فضيلةٌ على عبارة (حاضرًا).

﴿قَالَ﴾ تلقِّيًا للنّعمةِ بالشُكرِ: ﴿هَذَا﴾؛ أي: حصولُ مرادي، وهو حضورُ العرشِ في طرفةِ العينِ ﴿مِنْ فَضْلِ رَبِّي﴾ عليَّ وإحسانِه إليَّ مِن غير استحقاقٍ منِّي.

﴿لِيَبْلُوَنِي﴾: ليتعبَّدني في صورة الاختبار: ﴿أَأَشْكُرُ﴾ إنعامه ﴿أَمْ أَكْفُرُ﴾: أَجحد.

﴿وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ لأنَّه يَحطُّ به عنها عبءَ الواجب، وَيصونها عن وَصْمةِ الكفران، ويستجلب به المزيد، ويُرتبَط به العتيد (٤).


(١) "على ما قدر" ليست في (ف) و (ك).
(٢) في (ع) و (ي): "ليس بقوة جسدانية" بدل: "بقوة حيوانية".
(٣) في هامش (ف) و (م): "هو مقدمة النظر كما أن النظر مقدمة الرؤية. منه ".
(٤) العتيد: الحاضر المهيأ، وجاء في "تفسير النسفي" (٢/ ٦٠٧): (وترتبط به النعمة)، والمثبت موافق لما في "تفسير أبي السعود" (٧/ ٧١)، و"روح المعاني" (١٩/ ٤٥٤).