للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الذي حملهم عليه، وهو قياسُ حاله على حالهم في قصور الهمَّة بالدُّنيا والزِّيادة فيها.

﴿أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ﴾ والهديةُ: اسمٌ لِمَا يُهدَى، كما أنَّ العطيَّةَ اسمٌ لِمَا يُعطَى، فتضاف إلى المهدِي والمهدَى له، تقول: هذه هديةُ فلانٍ؛ تريد: الذي أهداها، أو أهدِيَتْ له.

﴿تَفْرَحُونَ﴾ لأنَّكم لا تعلمون إلَّا ظاهرَ الحياة الدُّنيا، فتفرحونَ بما يُهدَى إليكم لزيادةِ أموالِكم، أو بما تهدونه افتخارًا على أمثالِكم.

* * *

(٣٧) - ﴿ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾.

﴿ارْجِعْ﴾ خطابٌ للرَّسولِ ﴿إِلَيْهِمْ﴾ إلى بلقيسَ وقومِها.

﴿فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ﴾؛ أي: إنْ لم يأتوني مسلمين فلنأتينَّهم ﴿بِجُنُودٍ﴾ بأنواع من الجند (١) ﴿لَا قِبَلَ﴾: لا طاقةَ ﴿لَهُمْ بِهَا﴾ وحقيقةُ القِبَلِ: المقابلةُ والمقاومةُ؛ أي: لا يقدرون أن يقابلوهم (٢).

﴿وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا﴾: مِن ديارهم ﴿أَذِلَّةً﴾ الذُّلُّ: أنْ يذهبَ عنهم ما كانوا فيه مِن العزِّ والملكِ.

﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ الصَّغارُ: أنْ يقَعوا في أسرٍ واستعبادٍ.

فلمَّا رجع إليها رسولُها بالهدايا، وقصَّ عليها القصَّة، قالَتْ: هو مؤَّيدٌ مِن عندِ اللهِ تعالى، وما لنا به طاقةٌ، ثم جعلَتْ عرشَها في آخر سبعةِ أبيات، وغلَّقَتِ الأبوابَ، ووكَّلت حرسًا يحفظونه، وبعثت إلى سليمان : إنِّي قادمةٌ


(١) في (م): "الجنود".
(٢) في (ك): "يقابلونا"، وفي (ف): "يقابلوا".