للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٢٧) ﴿قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾.

﴿قَالَ﴾ للهدهد: ﴿سَنَنْظُرُ﴾ مِن النَّظرِ بمعنى التَّأمُّل ﴿أَصَدَقْتَ﴾ فيما أخبرْتَ.

﴿أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ هذا أبلغ مِن: أكذبْتَ؛ لأنَّه إذا كان معروفًا بالانخراط في سلك الكاذبين كان كاذبًا لا محالة، وإنَّما استحقَّ هذه المبالغة على تقدير الكذب لأنَّه أخبر بأمرٍ عظيمٍ، وبالغَ فيه.

* * *

(٢٨) - ﴿اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ﴾.

﴿اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ﴾ إنَّما أمرَه بالإلقاء لأنَّ الطَّائر لا يمكنُه تبليغُ الكتاب مقاولةً، إلَّا أنَّه ضمَّنه معنى الإيصال، ولذلك قال:

﴿إِلَيْهِمْ﴾؛ أي: اطْرَحه على وجهٍ يصلُ إليهم.

ولَمَّا كانَ المقامُ مقامَ التَّأنِّي الذي يقتضي قَدْرًا مِن الزَّمان نبَّهَ عليه بقوله: ﴿ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ﴾: تنحَّ عنهم إلى مكانٍ قريبٍ، بحيث تراهم ولا يروْنَك؛ ليكون ما يفعلونه بمنظرٍ منك، على ما دلَّ عليه قولُه:

﴿فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ﴾ مِن الرَّجْعِ لا مِن الرُّجوعِ؛ أي: ماذا يردُّون في مقابلةِ كتابنا.

* * *

(٢٩) - ﴿قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ﴾.

﴿قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ﴾؛ أي: قالَتْ ملكةُ سبأ لأشرافِ قومِها بعدما فعل الهدهدُ ما أُمِرَ به.