للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٨٥) - ﴿قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٨٥) وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ﴾.

﴿قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٨٥) وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا﴾ تركَ أداةَ الجمع في قصَّة ثمود ليفيدَ التَّوكيد والتَّقرير والقطع بأنَّه بشرٌ مثلهم؛ أي: لا ينبغي أنْ نؤمن برسالتك إلَّا بشيءٍ تمتازُ به عنَّا، ولهذا قالوا: ﴿فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الشعراء: ١٥٤]، وأتى بها هنا للدِّلالة على أنَّه جامعٌ بينَ وصفَيْنِ متنافِيَيْنِ للرِّسالة؛ مبالغةً في تكذيبهم، فكأنَّهم قالوا: نحن وأنت في عدم صلاحيَة الرِّسالة من جهة كوننا بشراً سواءٌ، ولكَ (١) المزيَّة علينا في كونك مسحَّراً (٢) دوننا، ثمَّ أكَّدوا ذلك بقولهم:

﴿نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ والظَّنُّ بمعنى اليقين، ولذلك أدخل (إنْ) واللَّام.

ولَمَّا كانَ هذا الرَّدُّ أبلغُ مِن الأوَّلِ، ما طلبوا البرهان كما طلبَ ثمودُ حيثُ قالوا: ﴿فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الشعراء: ١٥٤]، بل قطعوا بما يدلُّ على اليأس مِن إيمانهم بقولهم على سبيلِ الاستهزاءِ:

(١٨٧) - ﴿فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾.

﴿فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا﴾: جمع كِسْفَةٍ، وهي قطعة ﴿مِنَ السَّمَاءِ﴾ عقوبةً ﴿إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ كما قطعَ قريشٌ بقولهم: ﴿إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ﴾ [الأنفال: ٣٢].

* * *


(١) في (ك): "ذلك".
(٢) في (ي): "مسخرًا".