للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا﴾ بعدَ إهلاكِهم ﴿مُوسَى الْكِتَابَ﴾: التَّوراةَ.

لَمَّا كان إيتاؤه موسى في حكم إيتائه قومه قال:

﴿لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ أي: يعملون بشرائِعِها ومواعظها؛ فإنَّ الاهتداءَ بالكتبِ الإلهيَّةِ إنَّما يحصل بالعملِ بما فيها، لا بعلْمِها.

* * *

(٥٠) - ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾.

﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ﴾ عَبَر عنه بكنيته دون اسمه؛ لما فيها من الإشارة إلى وجه كونه آية، وهو ولادته مِن غير أب، وذلك أنَّ الأصل في النَّسب هو الأب، فلا يُعدَلُ عنه إلَّا عندَ فقدِه.

﴿وَأُمَّهُ آيَةً﴾ بولادتها إيَّاه من غير مسيسٍ، فهما معًا آيةٌ واحدةٌ.

أو: وجعلنا ابنَ مريم آيةً بأنْ تكلَّم في المهد وظهرَتْ منه معجزاتٌ أُخَر، وأمَّه آيةً بأنْ ولدَتْ مِن غيرِ مَسيسٍ، فحذف الأولى لِدلالةِ الثَّانية عليها.

﴿وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ﴾: هي الأرضُ المرتفعة، قيل: هي بيت المقدس، وقيل غيره.

﴿ذَاتِ قَرَارٍ﴾: مستقرٍّ مِن أرضٍ منبسطةٍ، وقيل: ذات ثمارٍ وزروعٍ، فإنَّ ساكنيها يستقرُّون فيها لأجلها.

﴿وَمَعِينٍ﴾ المَعينُ الماءُ الجاري على وجه الأرض، مفعول مِن عَانَه: إذا أدركه بالعَيْن، نحو رَكَبَهُ: إذا ضربَه بالرُّكْبَةِ؛ أي: يُدْرَكُ بالعَيْن لظهوره، فميمه على هذا زائدة.