للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٧٦) - ﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا﴾.

﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى﴾ عطفٌ على ﴿فَلْيَمْدُدْ﴾ لأنَّه في معنى الخبر، كأنه قيل: مَن كان في الضلالة يَزيد الله في ضلاله، وَيزيد المهتدين - أي: المؤمنين - ثباتًا على الاهتداء.

أو على الشرطية المحكيَّة بعد القول، كأنه لمَّا بيَّن أن إمهال الكافر وتمتيعه بالحياة الدنيا ليس لفضله، أراد أن يبيِّن أن قصور حظِّ المؤمن فيها ليس لنقصه، بل لأنَّه تعالى أراد به ما هو خيرٌ وعوَّضه منه.

﴿وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ﴾ أي: الطاعات التي تبقى عائدتها أبد الآباد، وكلُّ الصيدِ في جوفِ الفَرا (١).

﴿خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا﴾: عائدةً من النِّعم الفانية التي يفتخرون بها، كيف ومآلها النعيمُ المقيم، ومآلُ هذه الحسرةِ هو العذابُ الدائم؟ كما أشار إليه بقوله:

﴿وَخَيْرٌ مَرَدًّا﴾: مرجعًا وعاقبة، وفي التفضيل (٢) تهكُّمٌ بالكفار؛ لأنهم قالوا للمؤمنين: ﴿أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا﴾.

* * *


(١) (لفَرَأ) بالهمز: حمار الوحش، وهو في المثل دون همز لأن الأمثال موضوعة على الوقف، وأصل المثل: أن قومًا خرجوا للصيد، فصاد أحدهم ظبيًا، والآخر أرنبًا، وصاد الثالث حمار وحش، فقال لأصحابه: "كل الصيد … "؛ أي: كله دونه. انظر: "جمهرة الأمثال" (٢/ ١٦٢)، و"المستقصى" (٢/ ٢٢٤)، و"مجمع الأمثال" (٢/ ١٣٦)، و"القاموس" (مادة: فرأ).
(٢) في (س): "التفصيل".