للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾؛ أي: مجاوزاً فيه الحدَّ. ذكره الجوهري (١).

* * *

(٢٩) - ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا﴾.

﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ ﴿الْحَقُّ﴾ خبرُ مبتدأ محذوف، و ﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾ حال مؤكِّدة، أو خبرٌ بعد خبر؛ أي: جاء الحقُّ وزاحت (٢) العلل، فلم يبقَ إلَّا اختيارُكم لأنفسكم ما شئتم.

﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ ليس هذا بترخيص وتخييرٍ بين الإيمان والكفر، وإنَّما هو وعيدٌ وتهديدٌ، وجيء بلفظ الأمر والتَّخيير لأنَّه لمَّا مكِّن مِن اختيار أيِّهما شاء، فكأنَّه مخيَّر (٣) مأمورٌ بأنْ يتخيَّر ما شاء من النجدَيْن.

قيل: هو لا يقتضي استقلالَ العبدِ بفعله؛ فإنَّه وإن كان بمشيئته، فمشيئتُه ليست بمشيئة (٤).

وكأنَّه زعم أنَّ الأمر بالإيمان والكفر يكون أمراً بجعلهما وإيجادهما حتى قال ما قال، والحقُّ كون (٥) العبد مأموراً بالكسب فقط، وماذا بعد الحقِّ إلَّا الضَّلال.


(١) انظر: "الصحاح" (مادة: فرط).
(٢) في (ك): "وراحت".
(٣) "مخير" من (ك) و (ك)، وهو الموافق لما في "الكشاف" (٢/ ٧١٩)، والكلام منه.
(٤) هذا كلام البيضاوي في "تفسيره" (٣/ ٢٧٩).
(٥) في (ف) لعلها: "حرر".