للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا﴾: ملتجأً تعدِل إليه إن هممْتَ به.

* * *

(٢٨) - ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾.

﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ﴾: واحبسها وثبِّتها ﴿مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ قد مرَّ تفسيره في سورة الأنعام.

﴿وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ﴾؛ أي: لا تَصرف عيناك النَّظرَ عنهم إلى غيرهم، من عدَوْتُه عن الأمر: صرفتُه عنه، وما تصرفُه العين ليس إلا النَّظر، فحُذِفَ لظهوره.

قيل: ولا تجاوزهم نظرَك إلى غيرهم، وتعديتُه بـ (عن) لتضمينه معنى نبا (١). وفيه: أنَّ عدا بمعنى جاوز يتعدَّى بنفسه وبـ (عن).

قال الجوهري: عدَاه: جاوزه، وما لي عن فلان مَعْدًى؛ أي: تجاوُزٌ إلى غيره (٢) ثمَّ إنَّ معنى الصَّرف أمسُّ للمقام من معنى التَّجاوز.

وقرئ: (ولا تُعْدِ) [و: (لا تُعَدِّ)] من أعداه وعدَّاه (٣).


(١) أي: لما ضمِّن معنى (نبا) عدِّي تعديته، يقال: نبا الشيء عنه ينبو؛ أي: تجافى وتباعد، ونبا بصري عن الشيء: إذا اقتحمه ولم يعلق به. انظر: "حاشية شيخ زاده على البيضاوي" (٥/ ٤٧٢).
(٢) انظر: "الصحاح" (مادة: عدا).
(٣) قرأ الحسن: (ولا تُعْدِ) بضم التاء وكسر الدال، وقرأ الحسن وعيسى: (ولا تُعَدِّ). انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٧٩)، و"الكشاف" (٢/ ٧١٧)، والكلام وما بين معكوفتين منه.