للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كان الإخبار هنا للعرب ذُكرت التِّسع؛ إذ المفهوم عندهم من السِّنين القمريَّة، فهذه الزِّيادة هي ما بين الحسابَيْن، فهو بيان لما أجمله تعالى قبلُ.

وقيل: إنَّه حكاية كلام أهل الكتاب؛ فإنَّهم اختلفوا في مدَّة لبثهم، كما اختلفوا في عددهم؛ فقال بعضهم: ثلاث مئةٍ، وقال بعضهم: ثلاثَ مئة وتسعَ سنين.

* * *

(٢٦) - ﴿قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا﴾.

ويعضده قراءةُ ابن مسعود : (وقالوا لبثوا) (١)، وقولُه تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا﴾.

﴿لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾: ما غاب فيهما وخفيَ من أحوال أهلهما (٢)، وأنَّه هو وحده العالمُ به.

﴿أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ﴾ أمران معناهما: إنشاءُ التَّعجب.

والهاء في ﴿بِهِ﴾ لله، محلُّه الرَّفع على الفاعليَّة عند سيبويه؛ لأنَّ أصله عنده: صار ذا بصر، كأَغَدَّ البعيرُ: صار ذا غدة، ثمَّ نُقِلَ إلى التَّعجُّب، وغُيِّرَ إلى صيغة الأمر؛ لأَنَّه إنشاءٌ، والتَّعجُّب إنشاءٌ، فبرزَ الضَّمير لأنَّ ضمير الغائب لا يستتر في أمر المخاطب، وزيدَ الباء. فيه لتأكيد التَّعجُّب، ولخلوه عن الضم لم تختلف صيغته بحسب اختلاف المخاطب إفراداً وتثنية وجمعاً (٣).


(١) انظر: "معاني القرآن" للنحاس (٤/ ٢٢٦)، و "تفسير الثعلبي" (٦/ ١٦٥).
(٢) في (ك): "أحوالها".
(٣) من قوله: "ولخلوه عن الضم .. " إلى هنا من (م).