للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٤) - ﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾.

﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ من المجاز: ربط الله على قلبه: صبَّره، ومنه: رابط الجأش، لمَّا كانَ الخوف والقلق يزعج القلوب عن مقارِّها - ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾ [الأحزاب: ١٠]- قيل في مقابِله: ربط قلبه، إذا تمكَّن وثبت، وهو تمثيل.

والعدول من التَّعدية إلى (على) من باب: (يجرحْ في عراقيبها) (١)؛ للمبالغة.

﴿إِذْ قَامُوا﴾ على قدم الصِّدق، مجازٌ؛ يُقال: قام إلى أمر كذا: إذا عزم عليه بغاية الجِدِّ.

﴿فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا﴾ لم يقل: (رباً) لأنَّ جهة توحُّده تعالى ألوهيَّةً لا ربوبيَّة.

﴿لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾ والله لقد قلنا إذاً قولاً (٢) شططاً.

والشَّططُ: الخروج عن الحدِّ بالغوا فيه، يقال: شَطَّ منزلُ فلان: إذا جاوز القَدْر في البعد، مصدر وُصِفَ به للمبالغة.

* * *

(١٥) - ﴿هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾.


(١) قطعة من بيت لذي الرمة يمدح نفسه، وهو في ديوانه (١/ ١٥٦)، وتمامه:
وإن تعتذر بالمحل عن ذي ضروعها … إلى الضيف يجرح في عراقيبها نصلي
(٢) "قولًا" من (ك).