للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وسمعوا، لقوله تعالى: ﴿سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾ [الفرقان: ١٢].

وقيل: لا يبصرون ما يُقرُّ أعينَهم، ولا يسمعون ما يلذُّ مسامعهم، ولا ينطقون ما يُقبل منهم.

ويردُّه: أنَّ (١) قولَه تعالى: ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ﴾ [يس: ٦٥] صريح في نفي القدرة على مطلَق التكلُّم عنهم، وأن قوله تعالى: ﴿وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ﴾ دلَّ على أن ذلك في الموقف قبل الانصراف عنه إلى النَّار، وبهذا اندفع احتمالُ أن يكون ذلك بعد الدُّخول فيها أو عند المشارفة عليها.

﴿مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ﴾: سكن لهبها.

الخَبْوُ: سكون النَّار عن الالتهاب، وما قيل: بأنْ أكلَتْ جلودهم ولحومهم (٢)، يردُّه قولُه تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ (٣) [النساء: ٥٦]؛ لأنَّه صريح في النَّار لا يُتجاوز في تعذيبهم عن حدِّ الإنضاج إلى حدِّ الإغراق والإفناء (٤).

﴿زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا﴾: توقُّدًا، وإنَّما قال: ﴿زِدْنَاهُمْ﴾ دون: زدناها، بناءً على أنَّهم


(١) "أن "سقط من (م).
(٢) القائل هو البيضاوي في "التفسير" (٣/ ٢٦٨)، وهذا المذكور أعلاه لفظه، متابعًا الزمخشري القائل: كلما أكلت جلودهم ولحومهم وأفنتها فسكن لهبها، بدِّلوا غيرها، فرجعت ملهبة مستعرة، كأنهم لما كذبوا بالإعادة بعد الإفناء جعل اللّه جزاءهم أن سلط النار على أجزائهم تأكلها وتفنيها ثم يعيدها، لا يزالون على الإفناء والإعادة، ليزيد ذلك في تحسرهم على تكذيبهم البعث، ولأنه أدخل في الانتقام من الجاحد. انظر: "الكشاف" (٢/ ٦٩٥).
(٣) "غيرها" سقط من (ك) و (م).
(٤) ذكر على هذا الكلام ردودٌ ومناقشة تنظر في "روح المعاني" (١٥/ ١٣٣).