للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾؛ أي: لم يكُ مِنْ عِدادهم، وهذا في سياق النَّفي أبلغ من: لم يشرك، والمراد: استمرار النَّفي، لا نفيُ الاستمرار، فمفهوم (كان) مُقدَّم على مفهوم (لم) في الاعتبار.

وإنما نفى عنه الشِّرك على أبلغ وجه تكذيبًا لكفار قريش في زعمهم أنهم على ملَّة أبيهم (١) إبراهيم ، وترغيبًا لهم إلى التَّوحيد ودين الإسلام.

* * *

(١٢١) - ﴿شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.

﴿شَاكِرًا﴾ يجوز أن يكون خبرًا ثالثًا، أو حالًا من أحد الضَّميرين في ﴿قَانِتًا﴾ و ﴿حَنِيفًا﴾.

﴿لِأَنْعُمِهِ﴾ إنما جاء بلفظ القِلَّة للتَّنبيه على أنَّه كان لا يُخِلُّ بشكر النِّعَمِ القليلة فكيف بالكثيرة؟!

هذا ما بحسَب جليل النَّظر، والذي هو بحسب دقيقه: أنَّه للتَّنبيه على صعوبة مقام الشُّكر لكلِّها (٢) بالإشارة إلى عجز البشر، وذلك أنَّه عيه السلام - مع جلالة قدْره - لَمَّا كان قاصرًا (٣) عن شكر النِّعَم الكثيرة (٤)، فغيرُه أولى بالقصور عنه.

وإنَّما قلنا: (إنه لَمَّا كان قاصرًا) لأنَّ المقام مقام مدحه بما كان فيه من


(١) "أبيهم "من (م).
(٢) "لكلها"من (م).
(٣) "وذلك أنه عيه السلام مع جلالة قدره لما كان قاصرًا" من (م).
(٤) في (ف): "عن الشكر للنعم الكثير"، وفي (ك): "عن شكر النعم للكثير".