للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وانتصاب ﴿الْكَذِبَ﴾ بـ ﴿وَلَا تَقُولُوا﴾، و ﴿هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ﴾ بدلٌ منه، أو متعلِّق بـ ﴿تَصِفُ﴾ على إرادة القول؛ أي: ولا تقولوا الكذبَ لِمَا تصف ألسنتكم فتقول هذا حرام وهذا حلال، أو مفعول ﴿وَلَا تَقُولُوا﴾، و ﴿الْكَذِبَ﴾ منتصِب بـ ﴿تَصِفُ﴾، و ﴿مَا﴾ مصدرَّية، أي: ولا تقولوا هذا حلال وهذا حرام لوصف ألسنتكم الكذب؛ أي: لا تحرِّموا ولا تحلُّوا بمجرَّد قولٍ تنطق به ألسنتكم من غير دليلٍ.

وفي نصب ﴿الْكَذِبَ﴾ بوصف الألسنة نوعٌ من المبالغة بديعٌ، ووجهٌ من الفصاحة جميل، ومبالغةٌ في وصف كلامهم بالكذب عظيمةٌ، وهو أنَّه جُعل كأنَّه نفسُ الكذب وحقيقتُه، وكانت مجهولةً فعرَّفته (١) ألسنتهم بوصفها وحِلْيتها، وبيَّنه بكلامهم هذا، كقولهم: وجهُها يصفُ الجمالَ، وعينُها تصف السِّحر.

ورُدَّ هذا الوجه الأخير بأنَّ النُّحاة نصُّوا على أنَّ المصدر المنسبك مِنْ (أنْ) والفعل لا يُنعت، لا يقال: لا يعجبني أن تخرج السريعُ (٢)، ولا فرقَ بين هذا وباقي الحروف المصدريَّة.

وقرئ: (الكَذِبِ) بالجرِّ بدلًا من ﴿مَا﴾، و: (الكُذُبَ) جمع كذوب أو كِذَاب،


= المقتضى المذكور، كما لا يخفى. منه".
(١) كذا في النسخ: "فعرفته"، ولعل الصواب: (فعرفتها).
(٢) أي: خروجك السريع، وكانت العبارة في النسخ: "لا تعجبين أن يخرج السريع "، والمثبت مستفاد من كلام أبي حيان الذي يظهر أن المؤلف نفل منه، ولفظه: ولا يُوجَدُ مِن كلامهم: يُعجبُني أنْ قُمْتَ السَّريعَ، يريد قيامُكَ السَّريعُ، ولا: عَجِبْتُ مِن أنْ تَخرجَ السَّريعَ؛ أي: من خروجكَ السَّريعِ. انظر "البحر المحيط" (١٣/ ٤٨٠).