الإسلام، ويحتمل أن يكون مضارعًا؛ أي: فإنْ تتولَّوا، وحُذفَتِ التَّاء، ويكونُ جاريًا على الخطاب السَّابق.
﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾؛ أي: فلا يضرُّك فإنَّما عليك البلاغ، وقد بلَّغْتَ، فهو من باب إقامة السَّبب مقام المسبَّب، فإنَّ البلاغ سببُ العذر، وكونه معذورًا كنايةٌ عن عدم التَّضرُّر من جهة الرِّسالة.
﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ﴾ يعرف المشركون نعمةَ الله مِن التي عدَدْناها وغيرِها حيث يعترفون بها وأنَّها مِنَ الله.
﴿ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا﴾ بعبادة غير المُنْعِم بها، وبقولهم: هي من الله لكنْ بشفاعة آلهتنا، أو بنسبتها إلى مَن أجراها الله تعالى على يده.
وقيل: ﴿نِعْمَتَ اللَّهِ﴾: نبوَّة محمَّد ﷺ، عرفوها بالمعجزات، ثم أنكروها عنادًا، و ﴿ثُمَّ﴾ مستعارٌ لاستبعاد الإنكار بعد المعرفة (١).
﴿وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾: الجاحدون عنادًا، وإنَّما قال: ﴿وَأَكْثَرُهُمُ﴾ لأنَّ فيهم مَن لم يكن معاندًا، بل جاهلًا لم يعرف الحق، لنقصان عقله، أو تفريطه في النَّظر، أو لأنَّ فيهم مَن لم تقم عليه الحُجَّة، لأنَّه لم يبلغ حدَّ التَكليف، وعلى هذا يكون الكافر على إطلاقه، وعلى كلَا التَّقديرَيْن لا مساغ لحمل الأكثر على معنى الكلِّ.
(١) في هامش (ف): "من نظم هذا الوجه مع سياقه في سلك واحد لم يصب. منه".