للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَمَنَافِعُ﴾: نسلُها ودَرُّها وظهورها، وإنَّما عَبَّرَ عنها بالمنافع ليتناول غرضها.

﴿وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾؛ أي: تأكلون ما يُؤْكَل منها، مِنَ اللُّحوم والشُّحوم والألبان.

وتقديم الظَّرف للاختصاص؛ إشارةً إلى أن الأصل المعتدَّ به في أكل اللَّحم إنَّما هو منها، وأمَّا الأكل من غيرها فكغير المعتدِّ به، وكالجاري مجرى التَّفكُّه، فجَعْلُه لمجرَّد محافظة الفاصلة تنزيلٌ للمنزَّل عن منزلته الفاضلة.

* * *

(٦) - ﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾.

﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ﴾: زينة ﴿حِينَ تُرِيحُونَ﴾: تردُّونها من مراعيها إلى مراوحها بالعشيِّ ﴿وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾: تخرجونها بالغداة إلى المرعَى، فإنَّ الأفنية تَزَّيَّنُ بها، ويتجاوَبُ [فيها] الرُّغاءُ والثُّغاءُ (١)، فيأنس أهلها ويفرح أربابها، ويُجلُّهم في أعين النَّاظرين إليها (٢)، ويكسبهم الجاه والحرمة.

وتقديم الإراحة على السَّرح لأنَّ الجَمال فيها أظهرُ إذا أقبلَتْ ملأى البطون حافلةَ الضروع، ثم أوَتْ إلى الحظائر، حاضرةً لأهلها، يأنسون بها مبتهجين.


(١) الثغاء: صوت الغنم. والرغاء: صوت الإبل. وما بين معكوفتين من "الكشاف" (٢/ ٥٩٤)، ووقع في النسخ: "ويجاوب" والمثبت هو الأنسب بسياق الكلام.
(٢) زاد في (ف): "ولا يخفى لطفُ موقعِ هذا التَّنبيه والتَمهيد السَّابق بقوله: (من)، حيث تضمن الإشعار بأنهم يبتدؤون أكله من البحر مبالغة في تهيئته للأكل في مقام الامتنان، وفي تخصيص أكله طريًا بالذِّكر إشارة إلى أنه في معرض أن يسرع إليه الفساد لكمال لطافته فيسارع إلى أكله، فكأنه قيل: لتأكلوا منه لحمًا في غاية اللطافية". وليس هنا موضع هذا الكلام، وسيأتي في موضعه الصحيح في تفسير قوله تعالى: ﴿لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا﴾.