للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٨) - ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾.

﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى﴾ إما استئنافٌ لبيان سبب الامتناع من إنزال ما اقترحوا، وإما جملتان: الأولى تفسير لـ ﴿هَادٍ﴾، أي: هو الله، والثانية ابتداءُ كلام لبيان كون الكل بعلمه وتقديره.

ويجوز أن يكون جملة قوله: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ﴾ مقدَّرةً، ويكون من باب إقامة الظاهر مقام المضمَر؛ كأنه قيل: هو يعلم - أي: ذلك الهادي - ما تحمله كل أنثى أو حملها على أيِّ حال [هو] من الأحوال الحاضرة والمترقَّبة (١).

﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾: ما تنقصه وما تزداده في الجثة والمدة والعدد.

وقيل: المراد نقصانُ دم الحيض وازديادُه.

(غاض) جاء متعديًا ولازمًا، وكذا (ازداد)؛ قال تعالى: ﴿وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾ [الكهف: ٢٥]، فإن جُعلا لازمين تعيَّن (٢) (ما) أن تكون مصدريةً، وإسنادهما إلى ﴿الْأَرْحَامُ﴾ على المجاز فإنهما لله تعالى أو لِمَا فيها.

﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ بقَدَرٍ واحد من جهة الكمِّ والكيف والزمان، لا يجاوزه ولا ينقص عنه، والمراد من العندية الحضورُ العلمي، أي: هو عالم بكمية كلِّ شيء وكيفيته ووقت حدوثه، فيهيِّئ له أسبابًا مَسوقةً إليه تقتضي ذلك، وهذه الجملة مقرِّرة لِمَا تقدَّم، وليس في الاتصال كالتي بعدها، ولذلك وصل هذه له وفصَل هي عما قبلها.


(١) انظر: "الكشاف" (٢/ ٥١٥)، و"تفسير البيضاوي" (٣/ ١٨٢)، وما بين معكوفتين منهما.
(٢) في (م): "يتعين".