للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أقوالًا وأفعالًا، ذكر أنَّ منهم مَن بالغ في الشَّرِّ حتى ابتنى مجمعًا للمنافقين يرتِّبون ما شاؤوا فيه من الشَّرِّ، وسمَّوه مسجدًا.

﴿وَكُفْرًا﴾: وتقويةً للكفر الذي يُضْمِرونه.

رُوي أن بني عمرو بن عوف لمَّا بنوا مسجد قُبَاء سألوا رسول الله أن يأتيهم، فأتاهم فصلَّى فيه، فحسدهم إخوانهم بنو غنم بن عوف، فبنوا مسجدًا على قصد أن يؤمَّهم فيه ابن عامر الرَّاهب إذا قدم من الشَّام (١).

﴿وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ المجتمعين على الصَّلاة في مسجد قباء؛ لأنهم أرادوا أن يتفرَّقوا عنه وتختلفَ كلمتهم.

﴿وَإِرْصَادًا﴾: وترقبًا ﴿لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ﴾: لأَجْل مَن حارب الله (٢) يعني: الرَّاهب، فإنَّه قال لرسول الله يومَ أُحُد: لا أجد قومًا يقاتلونك إلا قاتلتُك معهم، فلم يزل يقاتله إلى يوم حنين، انهزم مع هوازن، وهرب (٣) إلى الشَّام، ليأتيَ من قيصر بجنود يحارب بهم رسول الله ، ومات بقِنَّسْرين وحيدًا (٤).


(١) انظر: "الكشاف" (٢/ ٣٠٩)، وقال ابن حجر في "الكافي الشاف" (ص: ٨١): (لم أجده بهذا السياق إلا في الثعلبي بلا إسناد، وليس صدره بصحيح فإن مسجد قباء كان قد أسس والنبي بقباء أول ما هاجر، وبني مسجد الضرار وكان في غزوة تبوك فبينهما تسع سنين). قلت: وفي ذكر أن الباعث على بنائه حسدهم لإخوانهم نظر، فإن الله سبحانه قد أخبرنا أنهم بنوه ضرارًا وكفرا وتفريقا، ولو كان ذلك لمجرد الحسد لما بالغ القرآن في ذمهم، والرسول في هدمه وتحريقه كما سيأتي.
(٢) "لأجل من حارب الله" من (م).
(٣) "وهرب" سقط من (ك).
(٤) انظر: "سيرة ابن هشام" (١/ ٥٨٥)، و"تفسير الثعلبي" (٥/ ٩٢)، و"زاد المسير" (٣/ ٤٩٩)، و"الكشاف" (٢/ ٣١٠). وقنسرين بكسر القاف وفتح النون المشددة فتحها أبو عبيدة سنة (١٧ هـ)، وكانت هي وحمص شيئًا واحدًا. انظر: "معجم البلدان" (٤/ ٤٠٣).