للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أنا ابنُ جَلا وطلَّاع الثَّنايا (١)

وعلى الأوَّل صفة للمنافقين فُصلَ بينها وبينه بالمعطوف على الخبر، أو كلامٌ مبتدأ لبيان تمرُّنهم وتمهُّرهم في النفاق.

﴿لَا تَعْلَمُهُمْ﴾: لا تعرفُهم بأعيانهم، بيانٌ لقوله: ﴿مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ﴾؛ أي: بلغوا من مهارتهم فيه إلى أنْ خَفِيَ حالهم عليك مع كمال فطنتك وصدقِ فِراستك؛ لتنوُّقهم (٢) في توقِّي مواقع التُّهم.

﴿نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ﴾ تأكيدٌ للبيان؛ لإفادة تقديم الضَّميرِ التَّخصيصَ؛ أي: لا يعلمهم إلَّا الله وحده، ولا يطَّلع على سرِّهم غيرُه لشدَّة إبطانهم الكفر وإظهارهم (٣) الإخلاص.

وحملُ ﴿مَرَدُوا﴾ على الاستئناف أبلغُ وأنسبُ لهذه المبالغة.

﴿سَنُعَذِّبُهُمْ﴾ فيه تحقيق لعذابهم بموجب علمه.

﴿مَرَّتَيْنِ﴾ بالفضيحة والقتل، أو بأحدهما وعذابِ القبر، أو بأخذِ الزكاة ونهكِ الأبدان، ويحتمل أن لا يراد بها شَفْعُ الواحد، بل يكون المعنى على التَّكثير، كقوله: ﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ﴾ [الملك: ٤]؛ أي: مرَّةً بعد مرَّةٍ.

﴿ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ﴾ إلى عذاب النَّار في دار القَرار.


(١) صدر بيت لسحيم بن وثيل اليربوعي. انظر: "الكتاب" لسيبويه (٣/ ٢٠٧)، و"الأصمعيات" (ص: ١٦)، و"الشعر والشعراء" (٢/ ٦٤٣). وعجزه:
متى أضع العمامة تعرفوني
(٢) في (ك): "لتفوقهم". والمثبت من (ف) و (م)، وهو الموافق لما في "تفسير البيضاوي"، والتنوق: التصنع والتكلف بإظهار النيقة وهي الحذف وما يعجب الناظر. انظر: "حاشية الشهاب" (٤/ ٣٥٩).
(٣) في (ك): "وإظهار".