للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾: غايةٌ (١) من حيث المعنى؛ أي: احفظوه عليه حتى يبلغَ أوانَ (٢) الحُلُمِ مع الرُّشدِ، فادفعوه إليه.

والأَشُدُّ: جمعُ شِدَّة، كأَنْعُمٍ ونِعْمَةٍ (٣).

﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ﴾ الإيفاءُ مخصوصٌ بالكيل، والميزانُ عطفٌ عليه، على طريقة ذِكْرِ أحدِ الفِعلَيْن وعطفِ متعلَّق المحذوف على المذكور، على حسَب ما يقتضيه لفظه، حتى كاله شريكه في أصل الفعل، كقوله:

علفْتُها تِبْنًا وماءً بارِدًا (٤)

وقوله: ﴿بِالْقِسْطِ﴾: بالعدل والتَّسوية، متعلق بالفعل المحذوف؛ أي: وزنوا الميزان بالقسط؛ فإنَّه مظِنّة البخس، بحيث لا يتفطَّن له صاحبه، بخلاف الكيل (٥).


(١) في (ف) و (ح): "غايته ".
(٢) في (ف) و (ح): "إبداء".
(٣) في هامش (ف): "كذا قال سيبويه في تهذيب الأزهري، قال أبو الهيثم: واحد الأنعم نعمة، وواحد الأشد شدة، ولا عبرة بما قاله الجوهري من أن فِعلة لا يجمع على أَفْعُل، تدبر. منه".
(٤) صدر بيت أنشده الفراء لبعض بني دُبَير - قبيلة من أسد - يصف فرسه. انظر: "معاني القرآن" للفراء (١/ ١٤)، و"تفسير الطبري" (١/ ٢٦٤)، و"الكشاف" (٢/ ١٠٨)، و" الخزانة" (١/ ٤٩٩). وعجزه:
حَتَّى شَتَتْ هَمّالَةٌ عَيْناهَا
(٥) في هذا التخصيص نظر، ففي المكيال أيضًا مجال واسع للغش كما للميزان وإن اختلفت الطريقة، والغشاشون لا يعدمون طريقة لأي نوع من أنواع الغش وفي أي شيء كان مهما خفي على الناس أو ظُن أن لا مجال فيه للغش، فلا داعي لهذا التخصيص بوزن الميزان وإخراج الكيل من الحكم، لا بل يجب تعميم الحكم إلى غير الكيل والميزان مما يتعامل به الناس لاستيفاء حقوقهم، ولعل ذكرهما لكونهما أكثر ما يتعامل به الناس، أو لاقتصار الناس عليهما في ذلك الزمان.