للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا﴾؛ أي: مجاوزةً عن الحد.

﴿وَبِدَارًا﴾؛ أي: مبادَرةً، وهي المسارعة.

﴿أَنْ يَكْبَرُوا﴾: أن يَبلغوا؛ أي: لا تأكلوا مسرفينَ ومبادرينَ، وهو كقولك: بادرتُ مجيءَ زيد؛ أي: فعلتُ قبل مجيئه، والمعنى: لا تأكلوا (١) قبل بلوغهم واستردادِهم ما لهم منكم، وليس هذا قصرَ التحريم على الإسراف وعلى مبادرةِ البلوغ دون غيرهما، بل هو ذكرُ غالبِ الحال؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾ [النور: ٣٣].

﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ في تقييد (٢) النهي بالإسراف والبِدار إيماءٌ إلى أن للأوصياء حقًّا، فقُسم الأمر بين أن يكون الوصيُّ غنيًّا وبين أن يكون فقيرًا، فاُمر (٣) الغنيُّ بالاستعفاف من أكل مال اليتيم إلى ماله، وتركِ الطمع في مال اليتيم، والاقتناعِ بما رزقه الله تعالى من ماله؛ إشفاقًا على اليتيم، وإبقاء على ماله. والفقيرُ بالأكل بالمعروف؛ أي: بأكله قُوتًا مقدَّرًا محتاطًا في تقديره على وجه الأجرة لقيامه عليه بحفظه وتثميره، وعلى اليتيم بتسديده وتدبيره.

وفي الاستعفاف مبالغةٌ، كأنه مأمور بطلب زيادة العفَّة، ولو قال: فليَعْفِفْ، لم يكن فيه ذلك.

﴿فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ﴾ بأنهم تسلَّموها وقبضوها وبَرِئتْ عنها


(١) في (ح) و (ك) و (م): "تأكلون"، والمثبت من (ك).
(٢) تحرفت في النسخ عدا (م) إلى: "تغيير"، والمثبت من (م).
(٣) في (م): "إذ أمر".