للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٩١) - ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ﴾ محلُّهُ النصبُ على الحال عطفاً على إخوتهِ؛ أي: قائمين وقاعدين ومضطجعين، يعني: يذكرونَ اللهَ تعالى ذكراً دائماً على أيِّ حالٍ كانوا من قيامٍ وقعودٍ واضطجاع.

﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾؛ أي: في خلقِ العالم استدلالاً واعتباراً، وهو أفضلُ العباداتِ كما قالَ : "لا عبادة كالتفكُّر" (١) لأنَّه عملُ القلبِ. والمقصود من الخلق (٢)، وفيهِ إشعارٌ بأن ذوي الألبابِ بيانَهم وتفسيَرهم الذين يذكُرون اللهَ دائماً على أيِّ حالٍ كانوا، المتفكِّرُون في خلقِه.

﴿رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا﴾: مقولُ قولٍ مقدَّرٍ؛ أي: يقولونَ، وهو في موضعِ الحالِ بمعنى: يتفكَّرون قائلينَ، و ﴿بَاطِلًا﴾ صفةُ مصدرٍ محذوفٍ، أي: ما خلقتَهُ خَلْقاً باطلاً بغيرِ حكمةٍ، أو حالٌ من ﴿هَذَا﴾، وهو إشارة إلى ما عبَر عنه بقُطريهِ، وهو عالَمُ الملكِ، وفيه ضربٌ من التعجيبِ، وظهورِ أمره في العظمةِ.

وكما أنَّ (ذلك) يُستعمَلُ في التعظيمِ. لبعدِ المرتبةِ وعلوِّ القدرِ، فكذلك (هذا)


(١) انظر: "الكشاف" (١/ ٤٥٤). ورواه ابن حبان في "المجروحين" (٢/ ٣٠٧)، والبيهقي في " الشعب " (٤٦٤٧)، عن علي أنه قال لابنه الحسن: يا بني، سمعت رسول الله يقول: "لا مال أعوز من العقل، ولا فقر أشد من الجهل، ولا عقل كالتدبير، ولا ورع كحسن الخلق، ولا عبادة كالتفكر … " الحديث بطوله، تفرد به أبو رجاء محمد بن عبد اللهَّ الحبطي، وليس بالقوي كما قال البيهقي. وقال ابن حبان: يروي عن الثقات ما ليس من حديث الأثبات.
(٢) في (د): " الخلوة ".