ودّ لما يرى من نقارها لزيد أنه لم يزوجها به لما يلقى زيد من أذاها، وأنه كان صلّى الله عليه وسلم قد تزوجها فكان أولى بالصبر على قرابته من الغريب، فأوحى الله إليه أنها مع خلقها مؤمنة، وإن زيدا سيطلقها، فإذا طلقها فتزوجها أنت وضمها إليك. فلم يلبث زيد أن طلقها وجاءه فأعلمه صلّى الله عليه وسلم ذلك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لزيد: راجعها وأمسكها، وستر عن زيد ما أوحى الله إليه، فعوتب في ألا عرفه ما أوحى إليه، فلم يؤثر زيد مراجعتها، واعتدّت، فتزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان من قصتها ما قد ذكره الله في سورة الاحزاب، فبين الله ذلك والسبب فيه وعاتبه الله كونه ستر ما أوحى إليه عن «١» ...
وما زال زيد مقيما على طل ٢ ... والمحبة وبذل النفس في طاعته ٣ ...
/ مؤتة باذلا نفسه في نصرة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقد ودّع الأحبّة. وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لجند زيد ومن معه: زيد أميركم، فإن هلك فجعفر بن أبي طالب، فإن هلك فعبد الله بن رواحة. فغزا زيد الروم وأقحم في قتالهم، وتصيبه الطعنات والضربات والجراحات فلا يرجع ولا ينثني ابتغاء مرضات الله ونصرة لرسوله إلى أن قتل، وقتل بعده جعفر بن أبي طالب، وبعدهما ابن رواحة، في القصة المعروفة، ونال رسول الله صلّى الله عليه وسلم من فقدهم ما يألم له الألم المعروف. وأسامة بن زيد منزلته من الاختصاص برسول الله صلّى الله عليه وسلم والقرب منه منزلة أبيه، وكان حبّ رسول الله كما كان أبوه، وكان يقال له أسامة الحب، وقد امّره رسول الله قبل مرض موته على خلق كبير ليخرج إلى الروم، فخرج في خلافة أبي بكر، وغزا الروم وجاهد في احياء دين رسول