للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في بلائهم، وهم، يذمون النخلة، وخيرات الدنيا مقسومة بين النخلة والنعجة والتمور من الأغذية الشريفة النافعة التي يحيا بها الحيوان الأنس وغيره.

وفي التمر مع اللذة بأكله إخراج التعب وراحة للمكدود، والملاحون يسمونه لأجل هذا مسامير الركب، ولما قيل للأعرابي: صف النخلة قال:

جذعها بناء وكربها صلاء وسعفها ضياء وثمرها غذاء، ومقدار النعمة بالنخلة يضيق هذا المكان عنه وعن شرحه، ولأبي عثمان عمرو بن بحر رحمه الله «١» كتاب في فضيلة النخلة على كل نبات، وهو كتاب كبير حسن جدا، وجهل هؤلاء عظيم وجناياتهم لا تستقال، ولعل من قد قتلوه بأدويتهم مع حسن نيتهم فيه وحرصهم على برئه أكثر ممن أفاق عند علاجهم، وكم فيهم من قد غلط في نفسه وأولاده وأهله بعلاج هذا لحذاقهم فضلا عن المبتدئين.

ولهم إصابات في الحمايات إذا ابتدأت وكم تلبث ومتى تنصرف وكم دور يكون وبأي شيء يكون بحرانها، إما بالعرق أو بالرعاف أو بالقيء أو بالبول أو بغير ذلك، هذا يعرفونه بالتجربة، ويغلب في العادة، وقد لا يكون.

كما يعرف الملاحون الريح متى تسقط وكم تلبث، يعرفون هذا في البحار وفي الأودية ويعرفون أزمانه كما يعرفون أوقات المدّ وأزمان زيادته، وأوقات الجزر، وينتظرون ذلك، / وكما تعرف القوابل غيره من الحمل، وذكر هو أو أنثى، وكم تلد أمه بعده من ذكر وأنثى مما يتفق لهن فيه إصابات حسنة، وكل هذه عادات وتجارب. فإن قيل: فاذا كان الدواء والسمّ لا يقتل، فلم تذمون الساقي لذلك والشارب له؟ قلنا: نذمه ونؤثمه على ما حدث من فعله من الشرب والإسقاء، وان كان ما يحدث من الموت من فعل الله، لأن الله


(١) يقصد أبا عثمان الجاحظ