صلّى الله عليه وسلم، يتبع أثرهما كاتباع الفصيل أثر أمه، وكان والله رفيقا رحيما لضعفاء المسلمين، وبالمؤمنين عونا وناصرا على الظالمين، لا تأخذه في الله لومة لائم، ضرب الله بالحق على لسانه، وجعل الصدق من شأنه، حتى إن كنا لنظن أن ملكا ينطق على لسانه، أعز الله باسلامه الاسلام وجعل هجرته للدين قواما، ألقى الله له في قلوب المؤمنين المحبة وفي قلوب المشركين المنافقين الرهبة، شبهه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بجبريل فطنا غليظا على الأعداء، وبنوح حنقا مغتاظا على الكفار، والضراء على طاعة الله آثر عنده من السراء على معصية الله، فمن لكم بمثلهما رحمة الله عليهما ورزقنا المضيّ على سبيلهما، فإنه لا يبلغ مبلغهما إلا بالحب لهما، واتباع آثارهما، فمن أحبني فليحبهما، ومن لم يحبهما فقد أبغضني وأنا منه بريء، ولو كنت تقدمت اليكم في أمرهما لعاقبت على هذا أشد العقوبة، فمن أوتيت به بعد هذا اليوم فإنه عليه ما على المفتري، ألا وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر، ثم الله أعلم بالخير أين هو، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
فإن قالوا: لا نصدق بهذا، قلنا: العجب أنكم تصدقون قوله عليه السلام:
من كنت مولاه فعليّ مولاه، ولا تصدقون بهذا ومجيئه أقوى من مجيء ذاك.
والحال التي وصفها أمير المؤمنين في هذا الحديث بيّنة معلومة قد شهد بها العقل، وقد تقدم بيان ذلك، وإنما ذكرنا هذا عند ذكركم للتفضيل وتعلقكم بصحته/ مما ادعته السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ، وهو ابن السوداء.
ولقد قال أبو القاسم البلخي في كتابه الذي نقض به اعتراض ابن الراوندي على كلام أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في أن القرآن سليم من الزيادة والنقصان: إن قول أمير المؤمنين: ألا إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر «١»