للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في كراعه. وسار ونزل ظهرا بالكوفة، ولقيه بن أبي الساج فهزمه «١» ، ونادى مناديه أن يكون لنا وقعة مع مؤنس الخصّى برصافة الكوفة ونهزمه «٢» ويستغنى أهل الكوفة من ذلك النهب، وأسير فأدخل بغداد في يوم ثلاثاء، وفي يوم طشّ «٣» ، واستكتب عليّ بن عيسى، واستعمل على الشرطة أبا الهيجاء عبد الله بن حمدان. وجلس بظهر الكوفة يقسم قصور بغداد على أصحابه، ويتماسكون ويختارون. فلم يخرج مؤنس من الكوفة ورحل من بغداد ونزل بطباطبا، وهي من بغداد على فراسخ يسيرة.

وطال انتظار أبي طاهر له، وكان من ببغداد من الشيعة قدر راسلوا أبا طاهر أنه ما بقي عند السلطان إلا مؤنس الخصي، وهو الذي يلقاك. وهو أضعف من ابن أبي السّاج بألف طبقة، وأنت تهزمه وتدخل بغداد. فصبر مؤنس ولم يبرح من طباطبا، وأبو طاهر يراسله: ما انتظارك؟ وإن كنت رجلا فابرز، ومؤنس لا يبرح. فسار أبو طاهر وعبر الفرات، وجاء فنزل بالقرب من مؤنس، فانقلبت بغداد، وعبر الكثير من أهل الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي، إلا من كان من الشيعة. وانحدر كثير منهم وأحدروا عيالهم إلى البصرة. وخرج إلى أبي طاهر من أهل بغداد من الشيعة وغيرهم من الكتاب سرا، وبشروه بضعف السلطان، وأنهم قد قلبوا له بغداد بالأراجيف. وقالوا له: بغداد بلد عظيم، وإن لم ترهب أهله بالقتل لم تملكه، فقال: نبيح


(١) هو يوسف بن أبي الساج أرسله المقتدر الخليفة العباسي سنة ٣١٥ هـ خماية الكوفة من القرامطة.
(٢) ويلقب مؤنس بالمظفر، لكنه لم يكن مظفرا في حربه مع أبي طاهر القرمطي، وكان قائدا عاما لجيش المقتدر، وقد قتل المقتدر بعد ذلك.
(٣) يوم طش، هو اليوم الممطر مطرا خفيفا انظر اللسان في مادة: طش