للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبيس «١» ، ولا ترون أبا قبيس، وهو مكان الحصاة لأن ذاك العقد من رسول الله صلّى الله عليه وسلم اعظم، وفرضه أعم وأشمل من النص على القبلة، وعلى صيام شهر رمضان، وعلى/ الجمعة وغسل الجنابة. ألا ترى ان فرض القبلة يسقط عمن خفيت عليه الدلالة وعن المتأنف «٢» وعن المسافر في التطوع ولا يسقط عنه اعتقاد الإمامة وطاعة الإمام، وقد تسقط الجمعة عن المسافرين والمرضى والنساء والعبيد ولا يسقط عن احد منهم اعتقاد الإمامة وطاعة الامام، وقد يسقط الصوم عن المسافرين والمرضى والحيض ولا يسقط عن أحد منهم اعتقاد الامامة وطاعة الامام، فلو كان كما ادعوا لكان العلم بذلك عند كل عاقل سمع الأخبار أقوى وأقهر وأغلب من العلم بالقبلة وبصيام شهر رمضان، وبالجمعة وبغسل الجنابة. ومثله في النصوص، نص النبي صلّى الله عليه وسلم على انه رسول الله الى الناس جمعا، ألا ترى أن العلم بذلك حاصل عند كل عاقل سمع الأخبار، ممن صدقه او كذبه، فلو كان لهذا النص أصل لكان يعلمه كل عاقل سمع الأخبار وإن لم يقبله وإن لم يتدين به. كما علم اليهود والنصارى والمجوس انه عليه السلام نص على انه رسول الله اليهم، وأن طاعته عليه السلام تلزمهم وتجب عليهم، وفي عدم العلم بذلك دليل على أن هذا شيء ما فعله رسول الله صلّى الله عليه وسلم ساعة قط، ولا كان منه فيه إشارة ولا إيماء بوجه من الوجوه.

ولسنا نقول: إنه لو فعله لقبلوه وعملوا به، بل نقول: كان العلم يحصل


(١) ابو قبيس: جبل بمكة سمي برجل من مذحج حداد لأنه اول من بنى فيه. القاموس ٢: ٢٣٨
(٢) المتأنف: المبتدىء، والائتناف: الابتداء.