للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عطلوا ذلك كلهم، وارتدوا/ بأسرهم. وهذا قول الكاملية، ورئيس هذه المقالة ابو كامل معاذ بن الحصين النبهاني الكوفي. وقال هشام بن الحكم «١» :

قد ارتدوا كلهم إلا نفرا يسيرا، فانهم أقاموا على اعتقاد هذا النص بضمائرهم وقلوبهم دون الإظهار بألسنتهم. قالوا: وهذا اليوم هو يوم الغدير «٢» ، وحين ظهروا هذه الطائفة في سني نيف وخمسين وثلثمائة للهجرة عيّدوا في ذلك اليوم ليؤكدوا كذبهم في المهاجرين والانصار في انهم ارتدوا، فاعرف ذلك.

والحنبلية والإمامية يحتجون بكثرتهم وان مقالتهم قد غلبت على البلدان، وقد تقدم لك القول: ان الكثرة لا تدل على صحة النحلة وانما يدل عليها قيام الحجة، وان قلّ عدد العاملين. بل لو كان القائل بالحق رجلا واحدا، وقامت له الحجة، لكان اولى بالحق ولو خالفه جميع اهل الارض. وقد قال أمير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي الله عنه: إن الحق لا يعرف بالرجال، ولكن اعرف الحق تعرف اهله، واعرف الباطل تعرف اهله.

وقد كانت الحنبلية تحتج على خصومهم من الرافضة بالكثرة وتقرع الرافضة بالقلة، والرافضة تحتج بأن الله قد ذم الكثرة ومدح القلة وتتلو ما في من القرآن، فلما اتفقت لهم منذ سني ونيف وخمسين وثلثمائة للهجرة احتجوا بالكثرة،


(١) هشام بن الحكم الشيباني: من كبار مفكري الشيعة ومتكلميهم توفي سنة ١٩٩ هـ. منتهى المقال ٣٢٢- ٣٢٣
(٢) يقصد غدير خم، وهي بئر على ثلاثة اميال من مكة، وقد روي ان الرسول عليه الصلاة والسلام خطب المسلمين فكان من جملة قوله: «ألست أولى بكم من انفسكم؟ فقالوا اللهم نعم، فقال: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ... » وهذا الحديث مشهور، وقد استدل به الشيعة على ان الرسول عليه الصلاة والسلام قد نصّ على الخلافة من بعده لعلي رضي الله عنه، ولم يجد باقي المسلمين فيه اكثر من الدلالة على فضله.